هناك في جميع الأديان الإبراهيمية والتقاليد الدينية الأخرى كائنات عالية المقام والمكانة تقوم بأداء مهام ومسؤوليات ووظائف إلهية. تُعرف هذه الكائنات ذات المقام العالي والمكانة الرفيعة في الديانات الإبراهيمية بإسم رؤساء الملائكة. يوصل رؤساء الملائكة الرسائل، ويوفرون لنا الحماية في المواقف المحفوفة بالمخاطر، ويشكلون جزءاً كبيراً من حياتنا اليومية سواء كنا على دراية بهم أم لا.
خرج في يوم من الأيام أحد الأنصار من مصر إلى العراق ومعه مبلغ من المال. وحين وصل إلى منطقة التفتيش في المطار قبل الصعود إلى الطائرة كان المسافرون يهمون بإخراج أموالهم من جيوبهم وحقائبهم ويعطونها لموظفي المطار، وذلك للتحقق من قيمة المبلغ المالي الذي يحملونه.
وحينما وصل أخونا حسين إلى نقطة التفتيش قال له الموظف: «ما هذا؟».
أجاب حسين: «أموال».
فرد الموظف: «هذا ممنوع، هذا غسيل أموال والقانون المصري يعاقب عليه».
فقال له حسين: «إن حاسبتني عليها، لن تسعد يوماً واحداً في حياتك وسوف يحاسبك الجبار العظيم في الدنيا قبل الآخرة وعاجلاً وليس آجلاً».
يقول حسين: «ارتعب الموظف وتجمد مكانه كأنه أصبح صنماً» ثم قال حسين للموظف: «أعوذ بالله من غضب الله».
طلب الموظف من حسين الإنتظار ونادى موظفاً آخر وقال له: «ابقَ مكاني».
ثم إلتفت إلى حسين وقال له: «اتبعني، سوف أخرجك من منطقة التفتيش الثانية وإلا سيقبضون عليك».
تبع حسين الموظف حتى أوصله إلى منطقة آمنة، وقبل أن يذهب حسين سأله الموظف: «أين الرجل الذي كان معك؟».
أجاب حسين: «أي رجل؟».
فقال له: «هذا ذو اللحية الطويلة والشعر الأشقر الطويل».
فقال له حسين: «إنه جندي من جنود الله وليس معي سوى ربي».
فيقول حسين: «صُدم الرجل وذُهل وهو مرعوب ويمشي خطوة ويستدير وينظر إليَّ وعيناه مليئتان بالدموع».
قال الإمام أحمد الحسن (منه السلام): «الرجل ذو الشعر الأشقر هو ملاك إسمه «حارس البيت» وهو يقف مع المؤمنين في الشدائد القصوى وفي حال وجود أي خطر، هذا حفظ الله الرحمن الرحيم».
فسألته (منه السلام): «أبي هل الملائكة يأتوك وأنت تأمرهم وتراهم وتكلمهم؟».
فقال (منه السلام): «نعم ولدي صحيح وكذلك عزرائيل، بفضل الله تعالى عليَّ».
سألته (منه السلام): «هل توجد أي ملائكة معنا تحرسنا في مصر مثل حارس البيت؟».
فأجاب (منه السلام): «لا تقل ملاك واحد، قل المئات، بيتك فيه الآن العشرات، بيتك لوحدك، بورك هذا البيت. جيد إنه انفتح هذا الموضوع، دائماً أسمِعَهم القرآن، مثل ما تحتاج أنت للطعام والشراب هم مثلك يحتاجون إلى طعامهم وشرابهم وهو القرآن الكريم، ولا تسمح إطلاقاً أن يسمع أحد أغاني والعياذ بالله، الأغاني والعياذ بالله تجلب الفقر وتقطع الرزق وتغذي النفس الأمارة بالسوء وتقويها على النفس الطيبة الأمارة بالخير، وسَلِم عليهم حين تدخل البيت وإذا حدثك أحدهم سوف تسمع الكلام في قلبك».
وقد حدث معي موقف مشابه أثناء خروجي من مصر، وكان ذلك في الشهر الرابع من عام ٢٠١٧ وكان برفقتي ابنتي مليكة وزوجتي وعلي الغريفي. وعند وصولي لنقطة الجوازات والتفتيش سلمت جواز سفري إلى الموظف هناك، فبدأ الموظف بإدخال بياناتي في الحاسوب، وإذا بصوت إنذار يخرج من الجهاز، ولمحت من على الشاشة أمامه مكتوب بالخط الأحمر: «عبد الله هاشم - مطلوب فوراً». عرفت وقتها أنهم سيقبضون عليَّ.
رفع الموظف سماعة الهاتف واتصل يطلب إمدادات وقال لي: «إبقَ مكانك ولا تتحرك». فجأة ظهر أمامي شخص يرتدي ملابس ضابط شرطة وقال لي: «تعالى معي». وفي صمت تام أخذني إلى منطقة آمنة وفي صمت تام ذهب. وعندما وصلت إلى السويد أخبرت الإمام أحمد الحسن (منه السلام) بما حدث، وحينها قال لي: «هذا كان جندي من جنودي أرسلته لك لإنقاذك لأنك مطلوب عند المباحث والمخابرات المصرية». وقال لي أيضاً: «وجودك في مصر انتهى حتى تعود إليها فاتحاً وجالساً على عرشها».
ذات يوم كنت واقفاً مع علي رضا وأحد المؤمنين ورأينا في السماء نورين ساطعين، كأنهما نجمين، كانا ثابتين لكن في نفس الوقت لم يكونا جزءاً من أي مجموعة نجمية، بقيا ثابتين لمدة ٣٠ ثانية ونحن ننظر إليهما، فقلت لعلي رضا والمؤمن الآخر: «هذان النجمان ليسا في العادة جزءاً من سماء الليل ولا ينتميان لأي مجموعة نجمية معروفة»، فجأة تحرك النوران الشبيهان بالنجوم في آن واحد وببطء، ثم أسرعا واختفيا في ظرف ثواني أمام أعيننا.
قال الإمام أحمد الحسن (منه السلام): «هم «عماليق السماء»، هذه أحد أسمائهم، والإسم الثاني هو «حراس الدعاء»، هذه هي أسماؤهم».
سألت الإمام أحمد الحسن (منه السلام): «هل هم ملائكة أم فضائيون أم الإثنان؟».
أجاب (منه السلام): «هم ملائكة من كواكب أخرى يجتمعون أربعة من كل كوكب واحد، وهم في خدمتك».
قال لي الإمام أحمد الحسن (منه السلام) ذات يوم ونحن نتحدث عن الملائكة: «عزرائيل (عليه السلام) يسميه الأنبياء والأولياء وآل البيت (منهم السلام) الرحوم الظالم، الرحيم على المؤمنين والظالم على الكافرين، يا حافظ يا الله حين يقبض روح كافر أو ظالم، سوف يرى وجه الله سبحانه وتعالى في أشد غضبه يتمثل في وجه عزرائيل (عليه السلام)، إن صرخ في وجه كافر يتمنى هذا الكافر لو أن الله لم يخلقه قط وأن يكون عدم، وهذا مع الجميع لكن في درجات، وأشد هذه الدرجات هو الإلحاد».
وقال لي أبا ميكائيل (عليه السلام) ذات يوم: «نعم صحيح، عزرائيل ليس من الثلاثمائة وثلاثة عشر وهو ليس موجود الآن أي غير نازل بجسد، لأنه لو نزل مع الثلاثمائة وثلاثة عشر لن يبقى أحد من الكفار، فهو لا يرحم أبداً، إن رحمة الله واسعة جداً، لذلك ترك الله عز وجل عزرائيل من هذه المهمة حتى يفسح المجال للخلق أن يتوبوا. عزرائيل (عليه السلام) ليس لديه شعور الرحمة على الكفار، لا يملك هذا الشعور ولا الصبر ولا حتى ثانية واحدة ولا حتى أقل من ذلك، هو لا يمهل أبداً، إن شاء الله سوف يكون رحيم مع المؤمنين، سلام الله عليه. شكله لا يستطيع مخلوق أن يتصوره، لن تستطيع تخيل شكله، هذا في شكله مع الكفار، لكن مع المؤمنين يأتي بشكله الآخر، الشكل الطبيعي حتى لا يخاف المؤمن».
سألت الإمام أحمد الحسن (منه السلام): «ما هي العلاقة بين عزرائيل وعزازيل (عزيز الله وهو الاسم القديم لإبليس)، أبي توجد روايات تقول أن عزازيل هو هو عزرائيل ويحتج بعض اليهود بالقول بأن الدليل على ذلك هو أنه عندما سقط إبليس من رحمة الله ظهر في الدنيا الموت. فما العلاقة بينهما إن وجدت؟».
فقال (منه السلام): «لا بني، الربط الوحيد هو أن الأب الذي عنده مجموعة أولاد يسميهم أسماء متقاربة، حسن، حسين، حسنين».
فقلت: «أها، يعني هما أخوان؟».
فقال (منه السلام): «نعم بني، مثل هابيل وقابيل».
ميكائيل (عليه السلام) هو أحد الملائكة المقربين المعروفين في الديانات الإبراهيمية، ومذكور عنه في روايات محمد وآل محمد (منهم السلام) أنه يرجع مع القائم (منه السلام). وروي عن الإمام الرضا (منه السلام) أيضا قوله:
«إذا قام القائم يأمر الله الملائكة بالسلام على المؤمنين والجلوس معهم في مجالسهم، فإذا أراد واحد حاجة أرسل القائم من بعض الملائكة أن يحمله، فيحمله الملك حتى يأتي القائم، فيقضي حاجته ثم يرده، ومن المؤمنين من يسير في السحاب، ومنهم من يطير مع الملائكة، ومنهم من يمشي مع الملائكة مشياً، ومنهم من يسبق الملائكة ومنهم من يتحاكم الملائكة إليه، والمؤمن أكرم على الله من الملائكة، ومنهم من يصيره القائم قاضيا بين مائة ألف من الملائكة».
وروي عن الباقر (منه السلام) أيضاً:
«كأني بالقائم عليه السلام على نجف الكوفة قد سار إليها من مكة في خمسة آلاف من الملائكة: جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن شماله والمؤمنون بين يديه وهو يفرق الجنود في البلاد».
وعندما يقف الإمام المهدي (صلى الله عليه وآله وسلم) بين الركن والمقام ليستعد للبيعة، يكون أول من يضرب على يديه جبرائيل وميكائيل ويبايعانه، وعندما يخرج من مكة ومعه أصحابه الثلاثمائة وثلاثة عشر وعشرة آلاف من الذين اتبعوه في مكة، يكون جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن شماله، وقد ورد ذكر ذلك في الكثير من الروايات. ميكائيل (عليه السلام) من الملائكة العظام وهو الموكل بالمطر والنبات وهو ذو مكانة من ربه عز وجل ومن أشرف الملائكة المقربين وهو الملك الموكل ببني إسرائيل.
قال لي الإمام أحمد الحسن (منه السلام) ذات يوم عن أبا ميكائيل (عليه السلام):
«إنه الحبل المتين الذي يربط بين الدين والدين وهو يحبك كثيراً وأحياناً يبكي من شوقه لك حين يسمع صوتك أو يسمع أحد يتحدث عنك أو يسمع اسمك. أبا ميكائيل (عليه السلام) هو من لقبه الإمام المهدي (صلى الله عليه وآله) بـ «الجامع»، الجامع أبا ميكائيل، هو من يجمع الثلاثمائة وثلاثة عشر، اسمه المعروف به بين الناس في هذه الكرة أحمد مراد، أحمد مراد هو إذا ظهر للناس بوجهه أو سمع صوته كل مؤمن وكافر سوف يقول «أنا أعرف هذا الشخص» ومن يسمع صوته يقول أني سمعت هذا الصوت من قبل، هذا الذي قال عنه محمد بن الحسن (صلى الله عليه وآله وسلم): «والله لولاك يا مراد ما ظهر الحق ولا سحق الباطل»، عزيزاً على قلبي أخي أبا ميكائيل، روحي فداك يا محير الشياطين، قد حير شياطين الجن والإنس، ميكائيل من خلف حجاب عظيم والعظمة لله عز وجل، رجل ونعم الرجل، أبا ميكائيل هو حلقة الحبل المتين الذي من دونه يقف المؤمنين حيارى، ومن دونه لا خبر يُسمع ولا علم يظهر، مراد هو مراد الله، جعل الله له المحبة في قلوب الناس والشجاعة والحكمة والفراسة وذكاء عظيم، هو الزمان وأبي صاحب الزمان، هو الصمصام وأنا صاحب الصمصام، لم يمر زمان وهو لم يكن به، نبي الله إبراهيم (عليه السلام)، عيسى (عليه السلام)، موسى (عليه السلام)، نوح (عليه السلام)، آدم (عليه السلام)، يوسف (عليه السلام)، هارون (عليه السلام)، الإمام الحسين (منه السلام)، كان مع الجميع الجميع، هو خليل الله الذي لم يفارق الله قط، الخليل ميكائيل، الرفيق الوفي المخلص لجميع الأنبياء والمرسلين والصالحين».
سألت الإمام أحمد الحسن (منه السلام) في يوم من الأيام عن آصف ابن برخيا (عليه السلام)، فقال (منه السلام): «آصف كان من أولياء الله في خفاء العنوان والشخصية».
سألته (منه السلام): «من يكون؟».
فأجاب (منه السلام): «ولا هو آدم ولا محمد ولا يسوع ولا نوح، إنه إصرافيل (عليه السلام) وسوف يخرج قريباً من بين التراب».
جبرائيل (عليه السلام) هو أحد الملائكة المقربين المعروفين في الديانات الإبراهيمية. وجاء عنه في روايات محمد وآل محمد (منهم السلام) أنه يرجع مع القائم (منه السلام). جبرائيل (عليه السلام) هو الملك الموكل بالوحي وإيصال الرسالة الإلهية من الله لرسله.
قال الإمام أحمد الحسن (منه السلام):
«لم يكن هناك زمان لم يكن فيه جبرائيل وميكائيل (عليهما السلام). جبرائيل وميكائيل (عليهما السلام) كانا مع جميع الأنبياء والمرسلين والحجج (عليهم السلام)».
وفي يوم من الأيام كنت أكلم الوالد (منه السلام) وقلت له: «أبي أرجوك روحي لك الفداء، طال الوقت، من هذا السادس تحت الكساء، جبرائيل (عليه السلام)؟ هل جبرائيل (عليه السلام) هو عيسى المسيح (عليه السلام)؟ أم هو إبراهيم (عليه السلام)؟».
فقال الإمام أحمد الحسن (منه السلام): «سوف أخبرك، هو عيسى (عليه السلام)».
أخبرني الإمام أحمد الحسن (منه السلام) ذات يوم أن النبي إدريس كان معروفاً عند المصريين القدماء بإسم أوزوريس وكان له ابن بإسم «حورس». كشف لي الإمام (منه السلام) حينها أن حورس كان في الأصل ملاك كر في شكل إنسان، وكان اسم ذلك الملاك هو حور رائيل. كانت له علامة على كتفه على شكل العين وكان يستمد منها قوة عظيمة، ولهذا ارتبط حورس برمز العين (الشكل ١)، وقد عاشت هذه الحقيقة عنه في ذاكرة المصريين القدماء. وحورس هو إحدى كرات النبي نوح (عليه السلام).
في يوم من الأيام وأنا بمصر قلت للإمام أحمد الحسن (منه السلام):
«صعدت إلى سطح المبنى قبل الفجر أبي، وحدث شيء عجيب جداً اقشعر له بدني، كنت أتكلم معك ومع الله في نفسي وانظر في النجوم، ونظرت حولي وكأني أحسست بكم في كل شيء حولي، في الأشجار والسماء وكل شيء، وفجأة نظرت خلفي وأصبت بالذهول حيث رأيت الهلال مقلوب على شكل حرف النون وفوقه نجم ساطع وكأنه نقطة فوق النون، فأخرجت من جيبي الحجر الذي جلبته من الأهرامات ورفعته في وجه الهلال، وفجأة وفي نفس تلك اللحظة مر نيزك في السماء بسرعة رهيبة وبنور رهيب».
فقال (منه السلام): «ابشر ولدي، إني أرجو من الله أنك قد بَلَغتَ العهد، ابشر أيها الطاهر، ابشر نون، اذهب واقرأ سورة القلم، ما شاء الله، ما شاء الله عليك ولدي، لا حول ولا قوة إلا بالله».
بعدها قال لي الإمام أحمد الحسن (منه السلام) في يوم من الأيام: «نون هو يوسف والقلم هو إبراهيم (عليه السلام) وهذا لقبه بيننا، وأنا اللوح. ولدي أريد أن أقول لك أمر لكن أتمنى أن لا يصيبك الغرور والعجب حين أذكره، هل لديك إحساس أن وجودك في مكان يجلب الخير والبركة، هل تلاحظ هذا؟ هل حين تقف لتشتري من دكان أو أي محل تلاحظ أن [وقوفك فيه] يجلب له الرزق والزبائن؟ فيكم الخير وعليكم الخير ومنكم الخير. إسمك هو نون رائيل وأنت الملك الموكل بالبركة والأرزاق».
سألته (منه السلام): «وجدت ذكر لـ نون رائيل في كتب المسلمين وذكروا أن هذا المَلَك هو نبي الله إدريس. وهو المَلَك المعروف بمططرون أو مططروش عند اليهود، وكتاب الزوهار اليهودي يقول أن من ألقاب ومعاني كلمة أو اسم مططرون أو مططروش هو «عبد الله» وهو الملقب بالشاب وأن هذا المَلَك هو حجاب بين الله والخلق. مكتوب كذلك أن لمططرون علاقة بالمكان وهو ملاك العهد والحياة، وهو موصوف بكونه الكاتب لكلام الله وهذا هو نفس ما قيل في إدريس، فهل هذه الأسماء «مططرون» أو «مططروش» هي أسماء لنون رائيل؟».
فقال (منه السلام): «نعم بني هو».
ثم علق الوالد (منه السلام) على تمثال لمططرون وهو حامل لمكعب مططرون (الشكل ٢) والذي هو في الحقيقة نجمة داود بشكل مضخم، حيث قال: «نعم بني، هذا الشكل يشبه [الشكل الحقيقي للكون] بنسبة تسعين بالمائة، الكون يشبه نجمة داود».