إن الاعتقاد السائد لدى الناس فيما يخص مفهوم الروح هو أن كل إنسان يولد وله روح، وأن هذه الروح تظل مع الإنسان حتى الموت، وعند الموت تفارق الروح الجسد، لكن الحقيقة هي أن الروح يمكنها أن تدخل جسد الإنسان عند الولادة، أو في مرحلة الطفولة، أو مرحلة البلوغ أو حتى في مرحلة الشيخوخة. يمكن للروح كذلك أن تخرج من الإنسان قبل موت الجسد، حيث يمكن للروح أن تغادر الإنسان ويبقى على قيد الحياة لسنوات عديدة، بل حتى لعقود. وهذه الحقيقة كان يعرفها الناس قديماً. يمكن للروح أن تنتقل من جسد لآخر من خلال عملية تناسخ الأرواح، ويمكنها أيضاً أن تنتقل من جسد لآخر من خلال عملية انتقال الأرواح. لتيسير إستيعاب هذه المسألة دعونا نُعرِّف المصطلحات التالية:
وعلى الرغم من أن هذه المفاهيم مرفوضة بشكل واسع عند مدارس الفكر اليهودي والمسيحي والإسلامي السائد، إلا أنها لطالما كانت تشكل جزءاً لا يتجزأ من تعاليم الأنبياء والمرسلين (عليهم السلام)، ويمكن العثور عليها بسهولة في التوراة والإنجيل والقرآن، علاوة على تواتر ذكرها في أحاديث وروايات أنبياء تلك الأديان. وبينما قد أهمل المنهج السائد في الأديان الإبراهيمية هذه المفاهيم أو قلل منها أو رفضها تماماً، إلا أن العديد من طوائفها الغنوصية قد أبقت على هذه الأفكار. نعتزم أن نقدم لكم هنا أدلة من الكتاب المقدس تؤكد أن عيسى (عليه السلام) كان مؤمناً بمفهوم تناسخ الأرواح وأنه كان جزءاً من تعاليمه، سواء تناسخ الأرواح، أي رجعة الروح بعد الموت في جسد جديد، أو إنتقال الروح، وسوف نبرهن بشكل قاطع على أن أتباع عيسى (عليه السلام) الأوائل، وكذلك اليهود الذين عاشوا في ذلك الزمان كانوا على دراية بمفهومي تناسخ الأرواح وانتقال الأرواح وكانوا مؤمنين بهما.
كان الإيمان برجعة بعض الشخصيات في أجساد جديدة وانتظار عودتها سائداً بين اليهود في ذلك الوقت وكذلك بين أتباع عيسى (عليه السلام) الأوائل. دعونا ننظر إلى إنجيل متى الإصحاح ١٦:
«وَلَمَّا وَصَلَ يَسُوعُ إِلَى نَوَاحِي قَيْصَرِيَّةِ فِيلِبُّسَ، سَأَلَ تَلامِيذَهُ: «مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا، ابْنَ الإِنْسَانِ؟» فَأَجَابُوهُ: «يَقُولُ بَعْضُهُمْ إِنَّكَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ، وَغَيْرُهُمْ إِنَّكَ النَّبِيُّ إِيلِيَّا، وآخَرُونَ إِنَّكَ إِرْمِيَا، أَوْ وَاحِدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ». فَسَأَلَهُمْ: «وَأَنْتُمْ، مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟» فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ قَائِلاً: «أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ!».
يتبين هنا بوضوح أن اليهود وأتباع عيسى (عليه السلام) الأوائل كان ثابت لديهم بالفعل مفهوم رجعة أنبياء التوراة ورسلها، حيث نرى أنه عندما سأل عيسى (عليه السلام) أتباعه:
«مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا؟». (لاحظ أنه لم يقل حتى «المؤمنين» أو «أتباعي» بل استخدم لفظ عام وهو «الناس»)،
أجابوه: يوحنا المعمدان، أو إيليا، أو إرميا أو واحد من الأنبياء. وهذا يثبت بلا أدنى شك أنهم كانوا بالفعل مؤمنين برجعة الأنبياء والمرسلين (عليهم السلام).
المثير للإهتمام هنا على وجه الخصوص هو أن يوحنا المعمدان كان من بين الأسماء المذكورة، أما الإسمان الآخران، إرميا وإيليا، فهما لنبيين كانا قد توفيا أو إختفيا قبل ميلاد عيسى (عليه السلام) بسنوات عديدة، أما يوحنا فقد كان على قيد الحياة في حياة عيسى (عليه السلام)، وعَمَّد عيسى ومات في حياته عندما كان عيسى بالغاً راشداً. وفقاً لإنجيل لوقا ١: ٢٦- ٣٨ كان فارق السن بين يوحنا المعمدان وعيسى (عليهما السلام) هو ستة أشهر تقريباً.
«وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ اسْمُهَا نَاصِرَةُ، إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُل مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ. فَدَخَلَ إِلَيْهَا الْمَلاَكُ وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ». فَلَمَّا رَأَتْهُ اضْطَرَبَتْ مِنْ كَلاَمِهِ، وَفَكَّرَتْ: «مَا عَسَى أَنْ تَكُونَ هذِهِ التَّحِيَّةُ!» فَقَالَ لَهَا الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ، لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ. وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ». فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلًا؟». فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ. وَهُوَذَا أَلِيصَابَاتُ نَسِيبَتُكِ هِيَ أَيْضًا حُبْلَى بِابْنٍ فِي شَيْخُوخَتِهَا، وَهذَا هُوَ الشَّهْرُ السَّادِسُ لِتِلْكَ الْمَدْعُوَّةِ عَاقِرًا، لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ». فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ». فَمَضَى مِنْ عِنْدِهَا الْمَلاَكُ».
وبحسب لوقا ٣:
٢١- ٢٣ كان عمر عيسى (عليه السلام) ٣٠ عاماً وقت معموديته وبدء دعوته على العلن. «وَلَمَّا اعْتَمَدَ جَمِيعُ الشَّعْبِ اعْتَمَدَ يَسُوعُ أَيْضًا. وَإِذْ كَانَ يُصَلِّي انْفَتَحَتِ السَّمَاءُ، وَنَزَلَ عَلَيْهِ الرُّوحُ الْقُدُسُ بِهَيْئَةٍ جِسْمِيَّةٍ مِثْلِ حَمَامَةٍ. وَكَانَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ قَائِلًا: «أَنْتَ ابْنِي الْحَبِيبُ، بِكَ سُرِرْتُ». وَلَمَّا ابْتَدَأَ يَسُوعُ كَانَ لَهُ نَحْوُ ثَلاَثِينَ سَنَةً».
يسلط الكتاب المقدس الضوء على تعميد يوحنا لعيسى (عليه السلام) حيث يشكل علامة فارقة ومهمة تمثل انتقال شعلة الخلافة من يوحنا إلى عيسى (عليهما السلام). شهد كل المؤمنين بيوحنا الذين كانوا من أتباعه التنصيب الإلهي لعيسى كخليفة ليوحنا مباشرة قبل استشهاد يوحنا، وعندها تلقى عيسى (عليه السلام) الروح القدس وبدأت دعوته، ونرى تكرار هذا الطقس كذلك قبل وفاة النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما نصب علي بن أبي طالب (عليه السلام) في غدير خم خليفةً شرعياً له.
بعدما ألقى يوحنا (عليه السلام) خطابه الأخير على أتباعه وعيّن عيسى (عليه السلام) خليفةً له، أُلقي القبض على يوحنا وقُطع رأسه وكان عمره حينها ثلاثين عاماً تقريباً. وهذا يعني أن اليهود وأتباع يوحنا وعيسى (عليهما السلام) الأوائل كانوا يؤمنون بانتقال الروح من جسد شخص بالغ متوفي إلى جسد شخص بالغ حي. وعادة ما يشمل الفهم السائد لدى المؤمنين بتناسخ الأرواح الاعتقاد بأنه عندما يموت الشخص، فإنه يولد من جديد كطفل رضيع بجسد جديد، ولكن لم تكن هذه الفكرة هي بالضرورة الفكرة السائدة عند اليهود في ذلك الوقت. فعندما سُئل الناس من يكون عيسى (عليه السلام) بحسب اعتقادهم، أجاب التلاميذ أن بعضهم يقول يوحنا المعمدان، لذلك يتضح جلياً أنهم كانوا مؤمنين بأن روح يوحنا (عليه السلام) يمكن أن تدخل جسد عيسى (عليه السلام) بعد موت يوحنا وتعيش فيه دون الحاجة إلى الإنتظار حتى يولد جسد جديد ويكبر. هذا المقطع ليس هو الوحيد الذي يتناول انتقال الأرواح و/أو تناسخ الأرواح، فإذا نظرنا إلى إنجيل متى الإصحاح ١١، نجد أن عيسى (عليه السلام) يكشف أن يوحنا المعمدان (عليه السلام) هو رجعة إيليا أو كرته.
«اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ، وَلكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ. وَمِنْ أَيَّامِ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ إِلَى الآنَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ يُغْصَبُ، وَالْغَاصِبُونَ يَخْتَطِفُونَهُ. لأَنَّ جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ وَالنَّامُوسَ إِلَى يُوحَنَّا تَنَبَّأُوا. وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا، فَهذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ. مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ».
نرى بوضوح أن عيسى (عليه السلام) أيضاً كان مؤمناً بمفهوم الرجعة أو تناسخ الأرواح وقد كان من تعاليمه. أكد الإمام أحمد الحسن (منه السلام) أن يوحنا المعمدان (عليه السلام) هو إيليا في رجعته، ويشير الكتاب المقدس في موضع آخر إلى كون إيليا هو يوحنا المعمدان وبالتحديد في مشهد تحول هيئة عيسى (عليه السلام)، حيث يكشف عيسى عن جسده النوراني لحوارييه فيخرون على الأرض ساجدين، وعندما يرفعون رؤوسهم يتفاجئون بأن عيسى يقف أمامهم بجسده النوراني وبصحبته نبيين كانا قد توفيا جسدياً، وهما أرواح إيليا وموسى (عليهما السلام).
«وَبَعْدَ سِتَّةِ أَيَّامٍ أَخَذَ يَسُوعُ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا أَخَاهُ وَصَعِدَ بِهِمْ إِلَى جَبَل عَال مُنْفَرِدِينَ. وَتَغَيَّرَتْ هَيْئَتُهُ قُدَّامَهُمْ، وَأَضَاءَ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ، وَصَارَتْ ثِيَابُهُ بَيْضَاءَ كَالنُّورِ. وَإِذَا مُوسَى وَإِيلِيَّا قَدْ ظَهَرَا لَهُمْ يَتَكَلَّمَانِ مَعَهُ. فَجَعَلَ بُطْرُسُ يَقُولُ لِيَسُوعَ: «يَا رَبُّ، جَيِّدٌ أَنْ نَكُونَ ههُنَا! فَإِنْ شِئْتَ نَصْنَعْ هُنَا ثَلاَثَ مَظَالَّ: لَكَ وَاحِدَةٌ، وَلِمُوسَى وَاحِدَةٌ، وَلإِيلِيَّا وَاحِدَةٌ». وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذَا سَحَابَةٌ نَيِّرَةٌ ظَلَّلَتْهُمْ، وَصَوْتٌ مِنَ السَّحَابَةِ قَائِلًا: «هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ. لَهُ اسْمَعُوا». وَلَمَّا سَمِعَ التَّلاَمِيذُ سَقَطُوا عَلَى وُجُوهِهِمْ وَخَافُوا جِدًّا. فَجَاءَ يَسُوعُ وَلَمَسَهُمْ وَقَالَ: «قُومُوا، وَلاَ تَخَافُوا». فَرَفَعُوا أَعْيُنَهُمْ وَلَمْ يَرَوْا أَحَدًا إِلاَّ يَسُوعَ وَحْدَهُ. وَفِيمَا هُمْ نَازِلُونَ مِنَ الْجَبَلِ أَوْصَاهُمْ يَسُوعُ قَائِلًا: «لاَ تُعْلِمُوا أَحَدًا بِمَا رَأَيْتُمْ حَتَّى يَقُومَ ابْنُ الإِنْسَانِ مِنَ الأَمْوَاتِ». وَسَأَلَهُ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: «فَلِمَاذَا يَقُولُ الْكَتَبَةُ: إِنَّ إِيلِيَّا يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ أَوَّلًا؟». فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّ إِيلِيَّا يَأْتِي أَوَّلًا وَيَرُدُّ كُلَّ شَيْءٍ. وَلكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ إِيلِيَّا قَدْ جَاءَ وَلَمْ يَعْرِفُوهُ، بَلْ عَمِلُوا بِهِ كُلَّ مَا أَرَادُوا. كَذلِكَ ابْنُ الإِنْسَانِ أَيْضًا سَوْفَ يَتَأَلَّمُ مِنْهُمْ». حِينَئِذٍ فَهِمَ التَّلاَمِيذُ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ عَنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ».
إذن لدينا هنا مقطع ثاني، في إنجيل متى الإصحاح ١٧، يكشف فيه عيسى (عليه السلام) أن يوحنا هو إيليا في رجعته، ولدينا كذلك ظهور أرواح إيليا وموسى (عليهما السلام) للحواريين، لذا نستخلص ببساطة أن أرواح إيليا وموسى كانت تنتقل مع عيسى (عليه السلام) وتلاميذه وتتعلم منه.
يلعب الإمام أحمد الحسن (منه السلام)، كونه صاحب العهد السابع وكونه الإمام الحسين (منه السلام) في رجعته، دوراً أكثر أهمية في هذا الزمان من أي نبي أو رسول على مدار التاريخ كله. بل إن كل نبي ورسول وإمام كان يتوق للرجوع في هذا العصر والزمان لنصرته. في إحدى الروايات سُئل أبو عبد الله (منه السلام):
﴿وَٱذْكُرْ فِى ٱلْكِتَـٰبِ إِسْمَـٰعِيلَ ۚ إِنَّهُۥ كَانَ صَادِقَ ٱلْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًۭا نَّبِيًّۭا ﴾ «أكان إسماعيل بن إبراهيم (عليهما السلام)؟ فإن الناس يزعمون أنه إسماعيل بن إبراهيم» فقال (عليه السلام): «إن إسماعيل مات قبل إبراهيم، وإن إبراهيم كان حجة لله قائما صاحب شريعة، فإلى من أرسل إسماعيل إذاً؟». قلت: «فمن كان جعلت فداك؟». قال: «ذاك إسماعيل بن حزقيل النبي (عليه السلام) بعثه الله إلى قومه فكذبوه وقتلوه وسلخوا فروة وجهه، فغضب الله له عليهم فوجه إليه سطاطائيل ملك العذاب، فقال له: يا إسماعيل أنا سطاطائيل ملك العذاب وجهني رب العزة إليك، لأعذب قومك بأنواع العذاب كما شئت، فقال له إسماعيل: لا حاجة لي في ذلك يا سطاطائيل. فأوحى الله إليه: فما حاجتك يا إسماعيل؟ فقال إسماعيل: يا رب إنك أخذت الميثاق لنفسك بالربوبية، ولمحمد بالنبوة، ولأوصيائه بالولاية، وأخبرت خلقك بما تفعل أمته بالحسين بن علي (عليهما السلام) من بعد نبيها، وإنك وعدت الحسين أن تكره إلى الدنيا، حتى ينتقم بنفسه ممن فعل ذلك به، فحاجتي إليك يا رب أن تكرني إلى الدنيا حتى أنتقم ممن فعل ذلك بي ما فعل، كما تكر الحسين. فوعد الله إسماعيل بن حزقيل ذلك فهو يكر مع الحسين بن علي (عليهما السلام)».
كانت أمنية إسماعيل (عليه السلام) المتمثلة في رجوعه مع الحسين (منه السلام) هي في الحقيقة أمنية كل الأنبياء والمرسلين والصالحين، وكلهم حقق الله لهم هذه الأمنية. قال أبو عبد الله (منه السلام):
«ويقبل الحسين (عليه السلام) في أصحابه الذين قتلوا معه ومعه سبعون نبيا كما بعثوا مع موسى بن عمران (عليه السلام) فيدفع إليه القائم (عليه السلام) الخاتم فيكون الحسين (عليه السلام) هو الذي يلي غسله وكفنه وحنوطه».
وفي مناسبة أخرى سُئل أبو عبد الله (منه السلام):
«هل ولد القائم؟ فقال: لا، ولو أدركته لخدمته أيام حياتي».
والروايات التي تتناول هذه المسألة كثيرة جداً. يتضح أن الرجوع مع القائم كان حلم كل نبي ورسول وإمام لأنه هو الذي يؤسس حكومة الله على الأرض، دولة العدل الإلهي،التي هي بمثابة العودة لجنة عدن والتي تمثل ثمرة جهود كل الأنبياء والمرسلين والصالحين.
إذا كانت أرواح موسى وإيليا (عليهما السلام) تنتقل مع عيسى المسيح (عليه السلام) لتتعلم منه وتستمع إليه، فبالتأكيد كانا هما وغيرهما من أرواح الأنبياء والمرسلين والصالحين يتنقلون مع الإمام أحمد الحسن الذي هو الحسين (منه السلام) منذ اليوم الذي ظهر فيه على هذه الأرض، حيث اتبعوه وهم في انتظار فرصة الإنتقال إلى جسد مادي لاستخدامه لخدمة الإمام (منه السلام). وبمشيئته وأمره دخلت هذه الأرواح الطاهرة والملائكة في الأجساد التي كانت حول الإمام أحمد الحسن (منه السلام). وهكذا فإن العديد من الناس هم في الحقيقة أنبياء ومرسلين وملائكة في رجعتهم ولكن ليس منذ الولادة الجسدية بل منذ لحظة «ميلادهم» الروحي والإيماني ودخول الروح فيهم.
ورغم أن هذه الفكرة قد تبدو غريبة على عامة الناس، إلا أن الأوساط السرية الخاصة بالحاخامات اليهود والمسيحيين الغنوصيين كانوا على علم بهذه الحقائق على مدار قرون، وكانت جزء من تعاليمهم. ومن تعاليم الحاخام إسحاق لوريا أن النبي يوسف (عليه السلام) تلقى روحه وهو بالغ راشد وكانت روح إدريس (عليه السلام) هي التي نزلت فيه. قال الحاخام:
«هذا هو سرّ «جعله شهادة في يوسف» (المزمور ٥:٨١) - إذ استحق يوسف أن ينال روح أخنوخ التي تدعى «شهادة» كما قيل. لذلك كان يوسف «حَسَنَ الصُّورَةِ وَحَسَنَ الْمَنْظَرِ»، (التكوين ٦:٣٩) لأنه استحق جمال آدم الذي جاء إليه من عالم الإنبعاث (أتزيلوت)، لكن لم يكن يوسف مستحقاً لذلك قبل ليلة «انقضاء سنتين» (التكوين ١:٤١) عندما تقرر أنه ينبغي أن يغادر السجن - في ذلك اليوم تحديداً علا في العظمة، لذا مكتوب «جعله شهادة في يوسف عند خروجه على أرض مصر» (المزمور ٥:٨١). يتضح هذا الآن عندما نتذكر ما ذكرته في الفصول السابقة، أن الروح تدخل الإنسان في الليل وهو نائم. يمكن كذلك فهم ما يقوله الحكماء في ضوء الجزء الأخير من الآية «جعله شهادة في يوسف عند خروجه على أرض مصر. سمعت لسانا لم أعرفه» (المزمور ٥:٨١)، في تلك الليلة جاء جبرائيل وعلمه سبعين لغة. وما حدث في الواقع هو أن روح أخنوخ/ ميططرون، وهو الوزير على السبعين أُمّة والذي يعرف لغاتهم السبعين، دخلت فيه في تلك الليلة وعلى الفور أصبح يعرف سبعين لغة».
ومثلما أثبتنا أن الناس في زمن عيسى (عليه السلام) كانوا على دراية بأن الأرواح يمكنها الدخول في جسد الإنسان في أي وقت، حتى أنهم اعتقدوا أن روح يوحنا المعمدان (عليه السلام) الذي كان قد توفي للتو دخلت في عيسى، كذلك يمكن للروح أن تخرج من جسد إنسان حي في أي وقت دون أن يموت بالضرورة جسدياً، بل في هذه الحالة يكون الموت موتاً روحياً. وهناك أمثلة على أشخاص فقدوا أرواحهم خلال حياتهم وظلوا أحياءاً جسدياً. دعونا نلقي نظرة على قصة شاول في الكتاب المقدس، في صموئيل الأول الإصحاح ١٦:
«وَقَالَ صَمُوئِيلُ لِيَسَّى: «هَلْ كَمُلُوا الْغِلْمَانُ؟». فَقَالَ: «بَقِيَ بَعْدُ الصَّغِيرُ وَهُوَذَا يَرْعَى الْغَنَمَ». فَقَالَ صَمُوئِيلُ لِيَسَّى: «أَرْسِلْ وَأْتِ بِهِ، لأَنَّنَا لاَ نَجْلِسُ حَتَّى يَأْتِيَ إِلَى ههُنَا». فَأَرْسَلَ وَأَتَى بِهِ. وَكَانَ أَشْقَرَ مَعَ حَلاَوَةِ الْعَيْنَيْنِ وَحَسَنَ الْمَنْظَرِ. فَقَالَ الرَّبُّ: «قُمِ امْسَحْهُ، لأَنَّ هذَا هُوَ». فَأَخَذَ صَمُوئِيلُ قَرْنَ الدُّهْنِ وَمَسَحَهُ فِي وَسَطِ إِخْوَتِهِ. وَحَلَّ رُوحُ الرَّبِّ عَلَى دَاوُدَ مِنْ ذلِكَ الْيَوْمِ فَصَاعِدًا. ثُمَّ قَامَ صَمُوئِيلُ وَذَهَبَ إِلَى الرَّامَةِ. وَذَهَبَ رُوحُ الرَّبِّ مِنْ عِنْدِ شَاوُلَ، وَبَغَتَهُ رُوحٌ رَدِيءٌ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ. فَقَالَ عَبِيدُ شَاوُلَ لَهُ: «هُوَذَا رُوحٌ رَدِيءٌ مِنْ قِبَلِ اللهِ يَبْغَتُكَ. فَلْيَأْمُرْ سَيِّدُنَا عَبِيدَهُ قُدَّامَهُ أَنْ يُفَتِّشُوا عَلَى رَجُل يُحْسِنُ الضَّرْبَ بِالْعُودِ. وَيَكُونُ إِذَا كَانَ عَلَيْكَ الرُّوحُ الرَّدِيءُ مِنْ قِبَلِ اللهِ، أَنَّهُ يَضْرِبُ بِيَدِهِ فَتَطِيبُ». فَقَالَ شَاوُلُ لِعَبِيدِهِ: «انْظُرُوا لِي رَجُلًا يُحْسِنُ الضَّرْبَ وَأْتُوا بِهِ إِلَيَّ». فَأَجَابَ وَاحِدٌ مِنَ الْغِلْمَانِ وَقَالَ: «هُوَذَا قَدْ رَأَيْتُ ابْنًا لِيَسَّى الْبَيْتَلَحْمِيِّ يُحْسِنُ الضَّرْبَ، وَهُوَ جَبَّارُ بَأْسٍ وَرَجُلُ حَرْبٍ، وَفَصِيحٌ وَرَجُلٌ جَمِيلٌ، وَالرَّبُّ مَعَهُ». فَأَرْسَلَ شَاوُلُ رُسُلًا إِلَى يَسَّى يَقُولُ: «أَرْسِلْ إِلَيَّ دَاوُدَ ابْنَكَ الَّذِي مَعَ الْغَنَمِ». فَأَخَذَ يَسَّى حِمَارًا حَامِلًا خُبْزًا وَزِقَّ خَمْرٍ وَجَدْيَ مِعْزًى، وَأَرْسَلَهَا بِيَدِ دَاوُدَ ابْنِهِ إِلَى شَاوُلَ. فَجَاءَ دَاوُدُ إِلَى شَاوُلَ وَوَقَفَ أَمَامَهُ، فَأَحَبَّهُ جِدًّا وَكَانَ لَهُ حَامِلَ سِلاَحٍ. فَأَرْسَلَ شَاوُلُ إِلَى يَسَّى يَقُولُ: «لِيَقِفْ دَاوُدُ أَمَامِي لأَنَّهُ وَجَدَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيَّ». وَكَانَ عِنْدَمَا جَاءَ الرُّوحُ مِنْ قِبَلِ اللهِ عَلَى شَاوُلَ أَنَّ دَاوُدَ أَخَذَ الْعُودَ وَضَرَبَ بِيَدِهِ، فَكَانَ يَرْتَاحُ شَاوُلُ وَيَطِيبُ وَيَذْهَبُ عَنْهُ الرُّوحُ الرَّدِيءُ».
في التوراة عين الله شاول ملكاً وكان يملك روحاً صالحة من الله، إلا أن شاول تمادى في خطاياه حتى خرجت منه الروح الصالحة وإستُبدلت بروح خبيثة تعذبه. يعلمنا الإمام أحمد الحسن (منه السلام) أن الأرواح المقدسة تنزل في الإنسان عندما يكون مُستَحِقاً لها، ولا تنزل في كل إنسان بشكل تلقائي لحظة ولادته. وبقاء الروح الصالحة في الإنسان مشروط بحسن سلوكه وإلا فقد تغادره هذه الروح في ظروف معينة وتحل محلها روح خبيثة. ومن الأمثلة الأخرى على أشخاص فقدوا أرواحهم الصالحة قصة شمشون في سفر القضاة، حيث جاء في الإصحاح ١٦:
«وَلَمَّا رَأَتْ دَلِيلَةُ أَنَّهُ قَدْ أَخْبَرَهَا بِكُلِّ مَا بِقَلْبِهِ، أَرْسَلَتْ فَدَعَتْ أَقْطَابَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَقَالَتِ: «اصْعَدُوا هذِهِ الْمَرَّةَ فَإِنَّهُ قَدْ كَشَفَ لِي كُلَّ قَلْبِهِ». فَصَعِدَ إِلَيْهَا أَقْطَابُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَأَصْعَدُوا الْفِضَّةَ بِيَدِهِمْ. وَأَنَامَتْهُ عَلَى رُكْبَتَيْهَا وَدَعَتْ رَجُلًا وَحَلَقَتْ سَبْعَ خُصَلِ رَأْسِهِ، وَابْتَدَأَتْ بِإِذْلاَلِهِ، وَفَارَقَتْهُ قُوَّتُهُ. وَقَالَتِ: «الْفِلِسْطِينِيُّونَ عَلَيْكَ يَا شَمْشُونُ».فَانْتَبَهَ مِنْ نَوْمِهِ وَقَالَ: «أَخْرُجُ حَسَبَ كُلِّ مَرَّةٍ وَأَنْتَفِضُ». وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الرَّبَّ قَدْ فَارَقَهُ. فَأَخَذَهُ الْفِلِسْطِينِيُّونَ وَقَلَعُوا عَيْنَيْهِ، وَنَزَلُوا بِهِ إِلَى غَزَّةَ وَأَوْثَقُوهُ بِسَلاَسِلِ نُحَاسٍ. وَكَانَ يَطْحَنُ فِي بَيْتِ السِّجْنِ».
قال الإمام أحمد الحسن (منه السلام) أن التوفيق والحظ يأتي من الروح الصالحة، فهي التي تحمي وترشد وتجلب الحظ. بدونها يُنزع كل التوفيق وتُنزع كل البركة عن حياة الإنسان وتلحق به معاناة شديدة. وهذا هو بالضبط ما حدث مع شمشون في سفر القضاة، حيث فقد شمشون روحه بسبب شهوته الآثمة، ولكنه استعادها لاحقاً لفترة وجيزة في لحظة استشهاده، ولكن هناك من لم يحالفه نفس هذا الحظ. خذوا على سبيل المثال قصة بلعم بن باعوراء، وهو النبي الذي ورد ذكره في الكتاب المقدس والقرآن الكريم. أمره الله سبحانه وتعالى أن يبارك إسرائيل وأنعم عليه بروح منه. في سفر العدد ٢٤ مكتوب:
«وَرَفَعَ بَلْعَامُ عَيْنَيْهِ وَرَأَى إِسْرَائِيلَ حَالاُ حَسَبَ أَسْبَاطِهِ، فَكَانَ عَلَيْهِ رُوحُ اللهِ».
لكن القرآن الكريم يبين أنه فقد روحه لأنه أعرض عن كلمات الله وأوامره، وهكذا استُبدلت الروح الصالحة بروح خبيثة شيطانية كما ورد في سورة الأعراف:
﴿وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱلَّذِىٓ ءَاتَيْنَـٰهُ ءَايَـٰتِنَا فَٱنسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ ٱلشَّيْطَـٰنُ فَكَانَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ﴾.
ينعم الله على الإنسان بالروح الصالحة عندما يكون قد اكتسب القدرة على استقبالها، وبمجرد أن يكتسب هذه الميزة يجب أن يسعى جاهداً للحفاظ على روحه، وإذا فشل في الحفاظ عليها، فسوف تتركه.
قال لي الإمام أحمد الحسن (منه السلام) ذات يوم: «هل تعرف كم هم الأنبياء والرسل الذين كادوا أن يخرجوا من ديوان النبوة؟».
قلت: «ثلاثمائة وثلاثة عشر؟».
قال (منه السلام): «نعم، موسى (عليه السلام) واحد منهم ويعقوب ومحمد أيضاً في أواخر عمره».
بيّن الإمام (منه السلام) كذلك أن مئات الأنبياء قد فشلوا وإستُبدلوا وفقدوا أرواحهم. ولهذا السبب لم يضمن حتى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (منه السلام) نفسه حتى آخر لحظة في حياته. وكان هذا هو الدافع وراء مقولته الشهيرة التي نطق بها بعد أن تلقى الضربة الأخيرة التي أردته قتيلاً: «فزت ورب الكعبة». أما قبل ذلك فلم يكن متيقناً من حاله مع الله سبحانه وتعالى.
قال لي الإمام أحمد الحسن (منه السلام) ذات يوم: «بلعم بن باعوراء كان أفضل من جميع الأنبياء الذين معك وما كان حاله؟ ما كانت نهايته إلا تعاسة. الروح تذهب إلى أقرب شخص يلائمها، الأقرب لها. سوف أعطيك مثلاً، لديك سيارة موديل ١٩٥٠ ولديك سيارة موديل ١٩٩٠ من الأفضل؟».
قلت: «١٩٩٠».
قال (منه السلام): «لكنك في عام ٢٠١٨».
قلت: «الأغلى ١٩٥٠».
فقال (منه السلام): «ليس موضوع الأغلى، نحن نتكلم عن واقع الحال، لديك موديل ٥٠ و ٩٠ وأنت في عام ٢٠١٨. المتاح لإمكانياتك المادية هاتان السيارتان لكن في الواقع يوجد الأفضل وهو الحديث، هذا هو بالضبط الحال معنا هنا، الأفضل لم يأتِ بعد إلى الدعوة، وهذا المتاح عندنا».
قلت: «يعني عندما يدخل إلى الدعوة شخص أفضل، تنتقل روح النبي كذا مثلاً إلى الشخص الأفضل؟».
فقال (منه السلام): «بشرط واحد إذا لم يحافظ على هذه الروح ويروض نفسه نعم سوف تنتقل، لكن إن حارب نفسه الأمارة بالسوء، بالطبع إن الله عادل وحق، فتبقى».
قلت: «وماذا لو جاء في المستقبل شخص مصري اسمه «عبد الله» أفضل مني ودخل الدعوة وأحببته، وأنا كنت عملت خطأ أو شيء مثل ما أتعبتك من قبل».
قال (منه السلام): «بني حبيبي، وماذا فعلت أنت وماذا فعلت لك أنا، بني إني أربيك وأعلمك لكن أستغنى عنك فلا. لا تقس حالك مع سائر الناس».
قلت: «يعني لن تستغنى عني مهما كان، أبعهد منك يا ابن رسول الله؟».
قال (منه السلام): «لن ولن ولن أستغنى عنك طالما لم تستغنى أنت عن الله».
قلت: «ما هو الاستغناء عن الله؟ الارتداد؟ الكفر بقصد وعمد؟».
قال (منه السلام): «هو فقدان الرحمة. ما هي الرحمة؟».
قلت: «نعم».
قال (منه السلام): «آل البيت (ص). من هم آل البيت (ص)؟ الله عز وجل. ما دمت مع الله فلا تخاف شيء، إني على يقين تام أنك ذائب في حب الله وآل بيته، على يقين تام وحقيقي وثابت».
قلت: «أحيانا أخاف إذا أخطأت سوف تتركني».
قال (منه السلام): «هذا خطأ بني، لا تفكر هكذا، الاعتراف بالخطأ فضيلة، حين يخطئ الإنسان ويعترف بخطئه يسامحه الله تعالى، لكن يجب أن يكون هذا الخطأ غير متعمد يعني لا يخطئ متعمداً، ثم يأتي ويعترف بذلك، هذا يسمى نفاق وأنت تعرف ذلك، بني أقول لك ذلك لسبب واحد فقط، حتى تُعلِّم من حولك هذه الثقافة».
قلت: «عندي فقط طلب أبي، لا تستبدلني أبداً ولا تتركني».
قال (منه السلام): «سوف تُستبدل أنت في حالة واحدة، إن استبدلني أبي وسيدي محمد (ص) وإن استُبدل محمد ابن الحسن (ص) حينها لن أضمن لك هذا. ومحال أن نُستبدل وإن كان لك رأي آخر فقُله».