القرآن الكريم هو كتاب أُنزل على النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، يعتقد معظم المسلمين أن القرآن الكريم الموجود بين أيديهم اليوم هو كتاب محفوظ ولا يمكن أن يناله أي تحريف، ويؤمنون أيضاً أنه أعظم كتاب عرفته البشرية وأن كلماته هي كلمات الله سبحانه وتعالى وليست كلمات بشر عادي، عندما ننظر إلى روايات آل البيت (منهم السلام) عن زمن القائم (منه السلام) نجد أن القائم (منه السلام) يأتي بكتاب جديد غير الموجود بين أيدي الناس. قال الإمام الباقر (منه السلام):
«يقوم القائم بأمر جديد، وكتاب جديد، وقضاء جديد».
وقال الإمام الباقر (منه السلام) كذلك:
«لكأني أنظر إليه بين الركن والمقام يبايع الناس على كتاب جديد، على العرب شديد». وقال أمير المؤمنين (منه السلام): «كأني أنظر إلى شيعتنا بمسجد الكوفة، قد ضربوا الفساطيط يعلمون الناس القرآن كما أُنزل أما إن قائمنا إذا قام كسره، وسوى قبلته».
من المعروف أن هناك العديد من الروايات في المصادر السنية والشيعية التي تشير إلى أن نسخة القرآن الكريم الموجودة بين أيدينا اليوم غير كاملة أو محرفة. في رواية عن ابن عمر قال:
«لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ قَدْ أَخَذْتُ الْقُرْآنَ كُلَّهُ وَمَا يُدْرِيهِ مَا كُلَّهُ؟ قَدْ ذَهَبَ مِنْهُ قُرْآنٌ كَثِيرٌ، وَلَكِنْ لِيَقُلْ: قَدْ أَخَذْتُ مِنْهُ مَا ظَهْرَ».
وفي صحيح مسلم عن أبي موسى الأشعري قال:
«وإنَّا كُنَّا نَقْرَأُ سُورَةً كُنَّا نُشَبِّهُهَا في الطُّولِ وَالشِّدَّةِ ببَرَاءَةَ، فَأُنْسِيتُهَا، غيرَ أَنِّي قدْ حَفِظْتُ منها: لوْ كانَ لاِبْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِن مَالٍ، لَابْتَغَى وَادِيًا ثَالِثًا، وَلَا يَمْلأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إلَّا التُّرَاب».
وقال أيضاً:
«وَكُنَّا نَقْرَأُ سُورَةً كُنَّا نُشَبِّهُهَا بإحْدَى المُسَبِّحَاتِ، فَأُنْسِيتُهَا، غيرَ أَنِّي حَفِظْتُ منها: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولونَ ما لا تَفْعَلُونَ، فَتُكْتَبُ شَهَادَةً في أَعْنَاقِكُمْ، فَتُسْأَلُونَ عَنْهَا يَومَ القِيَامَةِ».
كما ادعى عمر بن الخطاب أن آية الرجم كانت مما أنزل الله تعالى في القرآن الكريم:
«إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، فَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةُ الرَّجْمِ، فَقَرَأْنَاهَا، وَعَقَلْنَاهَا، وَوَعَيْنَاهَا، رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ، فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: وَاللَّهِ مَا نَجِدُ آيَةَ الرَّجْمِ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ».
وادعى آخرون من الصحابة أن ثلثي سورة الأحزاب قد فُقدا. عن زر بن حبيش قال: قال لي أبي بن كعب:
«كأي تعد سورة الأحزاب؟ قلت: اثنتين وسبعين آية أو ثلاثة وسبعين آية، قال: إن كانت لتعدل سورة البقرة وإن كنا لنقرأ فيها آية الرجم، قلت: وما آية الرجم؟ قال: إذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم».
وحتى عائشة زوجة النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قالت أن «داجن» (شاة) قد أكل جزءاً من القرآن، عن عائشة قالت:
«لقد نزلت آية الرجم، ورضاعة الكبير عشراً. ولقد كان في صحيفة تحت سريري. فلما مات رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وتشاغلنا بموته، دخل داجن فأكلها».
هذا غيض من فيض من الروايات التي تثبت أن الصحابة الأوائل أقروا جميعاً بأن القرآن الذي جمعوه بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله سلم) لم يكن كاملاً وفُقدت منه الكثير من الآيات.
توضح روايات آل محمد (منهم السلام) أنه بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جمع الإمام علي (منه السلام) القرآن كاملاً كما أُنزل على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأتى به القوم، لكنهم رفضوه. قال الإمام علي (منه السلام):
«لما مات رسول الله آليت أن لا آخذ عليّ ردائي إلا لصلاة جمعة حتى أجمع القرآن فجمعته».
وقال (منه السلام) أيضاً:
«ما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها علي فكتبتها بخطي وعلمني تأويلها وتفسيرها، وناسخها ومنسوخها ومحكمها ومتشابهها، ودعا الله عز وجل أن يعلمني فهمها وحفظها فما نسيت آية من كتاب الله عز وجل، ولا علما أملاه علي فكتبته».
أخذ الإمام علي (منه السلام) المصحف الذي جمعه وعرضه على القوم، لكنهم رفضوه وقالوا لا حاجة لنا فيه، فقال الإمام علي (منه السلام):
«أما والله ما ترونه بعد يومكم هذا أبداً ».
ودفعه من إمام إلى إمام حتى زمن القائم (منه السلام) فيخرجه للناس كاملاً. لم يكن هذا المعتقد غريباً على علماء الشيعة الأوائل، بل نجد أن علماء بارزين من علماء الشيعة الأوائل أيدوا الرأي القائل بأن القرآن الذي جمعه عثمان غير كامل و/أو محرف، ومن هؤلاء القمي والكليني والشيخ المفيد. وبمرور الوقت، عندما أصبح هذا الرأي مثيراً للجدل في العالم الإسلامي، اختار معظم العلماء ألا يتكلموا في هذه المسألة إلى يومنا هذا.
إن المصاحف الموجودة بين أيدي الناس اليوم ليست كلها متطابقة. هناك مصاحف تحتوي على كلمات مختلفة وحروف إضافية، وجميعها مقبول ومستخدم لدى المسلمين اليوم، يدرك هذا الأمر قلة من المسلمين ويتصور غالبية المسلمين متوهمين أن هناك نسخة واحدة فقط من القرآن وهي كما نزلت على النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم). ولبيان الاختلافات الواردة بين المصاحف المتداولة والموجودة بين يدي المسلمين، أقدم لكم دراسة مقارنة أجراها بعض من غير المسلمين حول المصاحف المختلفة. فيما يلي مقارنة للنسخة المصرية من القرآن من عام ١٩٢٤ برواية الإمام حفص والنسخة الثانية برواية الإمام ورش. يمكن لأي شخص التحقق من هذا من خلال المقارنة بين هاتين النسختين.
القرآن برواية حفص | القرآن برواية ورش |
فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِىُّ ٱلْحَمِيدُ (سورة الحديد الآية ٢٤) |
فَإِنَّ اَ۬للَّهَ اَ۬لْغَنِيُّ اُ۬لْحَمِيدُۖ (سورة الحديد الآية ٢٣) |
تحتوي نسخة حفص على كلمة زائدة في هذه الآية، وهي كلمة (هو). وبالتالي تتغير القواعد النحوية في المصحفين، لتصبح الآية في نسخة حفص جملة كاملة: «الله هو الغني»، أما في نسخة ورش فتكون عبارة: «الله الغني». تعبر كلتا النسختين عن نفس المعنى ولكن بطرق مختلفة ونتيجة لذلك تكون التلاوة مختلفة. | |
وَسَارِعُوٓا۟ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ (سورة آل عمران الآية ١٣٣) |
سَارِعُوٓاْ إِلَيٰ مَغْفِرَةٖ (سورة آل عمران الآية ١٣٣) |
تحتوي نسخة حفص على (و) زائدة، وهذا لا يغير معنى الآية ولكنه يغير طريقة تلاوتها. |
القرآن برواية حفص | القرآن برواية ورش |
(وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ (سورة البقرة الآية ١٣٢ |
(وَأَوْص۪يٰ بِهَآ إِبْرَٰهِيمُ بَنِيهِۖ (سورة البقرة الآية ١٣١ |
في نسخة حفص يأتي الفعل بصيغة (فَعَّلَ)، بينما في نسخة ورش يأتي بألف مضافة ليكون بصيغة (أفعل). مما يؤكد معنى الفعل ويغير طريقة تلاوته. | |
مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ (سورة المائدة الآية ٥٤) |
مَنْ يَّرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ (سورة المائدة الآية ٥٦) |
يتم تلاوة الكلمتين بشكل مختلف ولكنهما تحملان نفس المعنى. إنهما مثالان مختلفان على الفعل المجزوم بصيغة (يفتعل). وهو على الأرجح اختلاف في اللهجة. | |
|
قُل رَّبِّے يَعْلَمُ (سورة الأنبياء الآية ٤) |
في نسخة حفص يأتي الفعل كفعل ماضي (قال)، وبالتالي يكون النبي محمد هو الفاعل، أما في نسخة ورش يأتي الفعل كفعل أمر (قل) وبالتالي يكون الفاعل هو الله عز وجل الذي يأمر محمد/المسلمين. هذا الاختلاف يتكرر في نفس السورة الآية ١١٢. | |
وَلَا يَخَافُ عُقْبَـٰهَا (سورة الشمس الآية ١٥) |
|
تختلف الحروف هنا في بداية الكلمة حيث تتغير أداة الربط من (ف) إلى (و). |
ومن المعروف أيضاً أن النصوص القرآنية القديمة لم يكن بها تنقيط ولم تحتوي على علامات تشكيل. فيما يلي بعض الأمثلة (الشكلان ١ و ٢):
الشكل ١: الخط الكوفي القديم
المصحف الأزرق بالخط الكوفي القديم، سورة الروم، الآيات ٢٨-٣٢
متحف المتروبوليتان للفنون، بنيويورك
الشكل ٢: مصحف سمرقند بالخط الكوفي
متحف المتروبوليتان للفنون، بنيويورك
مخطوطة صنعاء هي نموذج آخر لواحدة من أقدم المخطوطات القرآنية المكتشفة عام ١٩٧٢ في الجامع الكبير في صنعاء، اليمن. أجريت دراسات على نطاق واسع على هذه المخطوطة باستخدام أحدث التقنيات، وظهرت طبقات من النص تبين أنه تم مسح النص الأصلي والكتابة عليه. تحتوي المخطوطة على العديد من الاختلافات عن النسخة العثمانية المتداولة من حيث الكلمات وتسلسل السور (الشكل ٣):
الشكل ٣: مخطوطة صنعاء
من أوجه الإختلاف الأخرى بين هاتين النسختين هي مسألة الإعجام حيث يختلف موضع النقاط على الحروف المختلفة في النسختين، مما يؤدي إلى اختلاف في الحروف وبالتالي في المعنى.
القرآن برواية حفص | القرآن برواية ورش |
(نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَـٰيَـٰكُمْ (سورة البقرة الآية ٥٨ |
يُغْفَرْ لَكُمْ خَطَٰيٰ۪كُمْۖ (سورة البقرة الآية ٥٧) |
يختلف الحرف الأول في هاتين الكلمتين، يظهر الفعل في هذه الآية مرة بصيغة المبني للمجهول (يُغفَر) في نسخة ورش ومرة بصيغة المبني للمعلوم (نَغفِر) في نسخة حفص، بالإضافة إلى أنه جاء بصيغة (نحن)، وبالتالي يتغير المعنى. | |
أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَٰهِـۧمَ (سورة البقرة الآية ١٤٠) |
أَمْ يَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَٰهِيمَ (سورة البقرة الآية ١٣٩) |
يختلف الحرف الأول في هاتين الكلمتين ويختلف تصريف الفعل، حيث يأتي مرة بصيغة (أنتم) ومرة بصيغة (هم) مما يغير المعنى. | |
وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا |
وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِرهَا |
تختلف حروف الجذر في الكلمتين، فتصبح الكلمتان مختلفتين. تحمل الكلمتان معنى متشابه ولكنه ليس متطابقاً. | |
|
لَمَآ ءَاتَيْنَٰكُم مِّن كِتَٰبٖ (سورة آل عمران الآية ٨٠) |
تختلف الحروف في وسط هذه الكلمة ويختلف تصريف الفعل، حيث يأتي مرة بصيغة (أنا) ومرة بصيغة (نحن) وبالتالي يتغير المعنى. | |
سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ (سورة النساء الآية ١٥٢) |
سَوْفَ نُوتِيهِمُۥٓ أُجُورَهُمْۖ (سورة النساء الآية ١٥١) |
تختلف الحروف في بداية هذه الكلمة ويختلف تصريف الفعل، حيث يأتي مرة بصيغة (نحن) ومرة بصيغة (هو) وبالتالي يتغير المعنى. | |
ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَـٰدُ ٱلرَّحْمَـٰنِ (سورة الزخرف الآية ١٩) |
اَ۬لذِينَ هُمْ عِندَ اَ۬لرَّحْمَٰنِ (سورة الزخرف الآية ١٨) |
يختلف الحرف الأوسط من الكلمة الوسطى في هذه الآيات فيتغير معنى الكلمة بشكل كبير، لتكون الكلمة في نسخة ورش حرف جر (عند) وفي نسخة حفص اسم وهو (عباد). وبالتالي يختلف المعنى في الآيتين. |
يحدد التشكيل اللغوي معاني الكلمات وطريقة إعرابها بشكل كبير، وقد يحدث اختلافاً كبيراً في معاني الكلمات إذا اختلف توزيع التشكيل عليها. هنا نرى اختلافاً آخر بين النسختين، حيث يختلف توزيع التشكيل على الكلمات نفسها.
القرآن برواية حفص | القرآن برواية ورش |
مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ (سورة الفاتحة الآية ٤) |
مَلِكِ يَوْمِ اِ۬لدِّينِۖ (سورة الفاتحة الآية ٣) |
تحتوي نسخة حفص على حرف الألف في كلمة مالك لتصبح الكلمة بذلك اسم فاعل (مالك)، بينما تكون اسم في نسخة ورش (ملك). | |
وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمْ (سورة البقرة الآية ٩) |
وَمَا يُخَٰدِعُونَ إِلَّآ أَنفُسَهُم (سورة البقرة الآية ٨) |
يختلف التشكيل في الحرفين الأول والثاني من هذه الكلمات. يأتي الفعل في نسخة ورش في صيغة (يفاعل)، بينما يأتي في نسخة حفص في صيغة (يفعل). | |
بِمَا كَانُوا۟ يَكْذِبُونَ (سورة البقرة الآية ١٠) |
بِمَا كَانُواْ يُكَذِّبُونَۖ (سورة البقرة الآية ٩) |
تختلف صيغة الفعل ويختلف التشكيل في هذه الكلمة. يأتي الفعل في نسخة حفص في صيغة (يفعل)، بينما يأتي في نسخة ورش في صيغة (يُفعِّل).(ملاحظة: تظهر هذه الكلمة مرتين في هذه الآية). | |
حَتَّىٰ يَقُولَ (سورة البقرة الآية ٢١٤) |
حَتَّيٰ يَقُولُ (سورة البقرة الآية ٢١٢) |
يختلف التشكيل الموجود على الحرف الأخير من هذه الكلمة (يقول)، فالفتحة المستخدمة في نسخة حفص تضع الفعل في صيغة المضارع المنصوب، مما يجعل (حتى) التي تسبقه أداة نصب دالة على التعليل، أما نسخة ورش فتحتوي على ضمة فوق حرف اللام، مما يجعل الفعل فعل مضارع مرفوع، وبالتالي تكون (حتى) التي تسبقه حرف إبتداء بمعنى «إلى أن». | |
فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ (سورة البقرة الآية ١٨٤) |
فِدْيَةُ طَعَامِ مَسَٰكِينَۖ (سورة البقرة الآية ١٨٣) |
تأتي الكلمة هنا مرة بصيغة المفرد (مسكين) ومرة بصيغة الجمع (مساكين) ليختلف بذلك عدد من يجب إطعامهم في كفارة عدم الصوم. | |
|
|
يختلف التشكيل في هاتين الكلمتين، ليتحول الفعل من فعل مبني للمعلوم (قَاتَل) إلى فعل مبني للمجهول (قُتِلَ) وبالتالي يتغير معنى الآية. | |
فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ (سورة المائدة الآية ٦٧) |
فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتِهِ (سورة المائدة الآية ٦٩) |
يختلف التشكيل في آخر حرفين من هاتين الكلمتين، مما يدل على إختلاف الحالة النحوية للكلمة ونطقها، فكلمة (رسالته) في نسخة حفص منصوبة وفي نسخة ورش مجرورة، وبالتالي يختلف الإعراب في الجملة. | |
|
|
يختلف التشكيل في أول حرفين من هاتين الكلمتين، فتكون الكلمة في نسخة ورش اسم فاعل (ساحران) وفي نسخة حفص اسم (سحران)، بالتالي يتغير معنى الآية. | |
وَصَدَّقَتۡ بِكَلِمَٰتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ (سورة التحريم الآية ١٢) |
|
تظهر كلمة كتاب في نسخة حفص بصيغة الجمع وفي نسخة ورش بصيغة المفرد ويختلف التشكيل، وهذا يغير معنى الآية قليلاً لأن مريم في نسخة حفص تؤمن بكتب الله كلها، بينما في نسخة ورش تؤمن بالكتاب الذي معها. |
عن ابن أبي يعفور قال:
«دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) وعنده نفر من أصحابه - فقال: يا بن أبي يعفور هل قرأت القرآن؟ قال: قلت: نعم هذه القراءة، قال: عنها سألتك ليس عن غيرها، قال: فقلت: نعم جعلت فداك ولم؟ قال: لأن موسى (عليه السلام) حدث قومه بحديث لم يحتملوه عنه فخرجوا عليه بمصر فقاتلوه فقاتلهم فقتلهم، ولأن عيسى (عليه السلام) حدث قومه بحديث فلم يحتملوه عنه فخرجوا عليه بتكريت فقاتلوه فقاتلهم فقتلهم، وهو قول الله عز وجل: فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين، وأنه أول قائم يقوم منا أهل البيت يحدثكم بحديث لا تحتملونه فتخرجون عليه برميلة الدسكرة فتقاتلونه فيقاتلكم فيقتلكم، وهي آخر خارجة يكون، ثم يجمع الله - يا بن أبي يعفور - الأولين والآخرين، ثم يجاء بمحمد (صلى الله عليه وآله) في أهل زمانه…».
ذات يوم قلت للإمام أحمد الحسن (منه السلام): «هل هناك آيات وسور قرآنية لم تُنشر أبداً من قبل أم أن القرآن كامل كما هو؟».
قال الإمام (منه السلام): «نعم يوجد، ويوجد كلام قد سُلب، يوجد بعض التحريف في القرآن وليس كله محرف».
قلت: «أبي هل في القرآن الموجود بين أيدينا اليوم أي شيء من وحي إبليس؟ كنت قد قلت لي سابقاً أن بعض الرسل السابقين قبل عيسى (عليه السلام) كان يوحي لهم إبليس أحياناً».
قال الإمام (منه السلام): «القرآن الموجود بين أيدي الناس هو عبارة عن خليط بين قصص حقيقية وقصص خيالية وافتراء وبعض الحق، عبارة عن خليط».
قلت: «هل التحريف والأخطاء فيه ناتجة عن سماع النبي محمد (صلى الله عليه وآله) لوسوسة إبليس أم هي مِن مَن جاء بعده؟».
قال الإمام (منه السلام): «[جاء] بعد محمد».
قلت: «أبي، هناك بعض الأمور في القرآن الكريم عندما تقرأها، تبدو وكأن كاتبها كان إما يصحح خطأ أو أخطأ عندما نقل القصة».
قال الإمام (منه السلام): «أكيد».
قلت: «مثلاً في قصة طالوت وجالوت وعبور النهر وقتل داود لجالوت، المسألة هي أن قصة داود وجالوت ليس بها أي واقعة تخص عبور نهر. قصة النهر والعشرة آلاف والثلاثمائة وثلاثة عشر هي قصة النبي جَدعَون وهذه وقعت قبل قتل داود لجالوت بمئات السنين. كان شاؤول هو الملك في زمن داود (ليس طالوت) والكتاب المقدس يذكر أنه خسر روحه وحارب داود، وهناك العديد من الأمثلة على وقوع خلط في القصص في القرآن الكريم. ورد في سفر القضاة: «فَبَكَّرَ يَرُبَّعْلُ، أَيْ جِدْعُونُ، وَكُلُّ الشَّعْبِ الَّذِي مَعَهُ وَنَزَلُوا عَلَى عَيْنِ حَرُودَ. وَكَانَ جَيْشُ الْمِدْيَانِيِّينَ شِمَالِيَّهُمْ عِنْدَ تَلِّ مُورَةَ فِي الْوَادِي. وَقَالَ الرَّبُّ لِجِدْعُونَ: «إِنَّ الشَّعْبَ الَّذِي مَعَكَ كَثِيرٌ عَلَيَّ لأَدْفَعَ الْمِدْيَانِيِّينَ بِيَدِهِمْ، لِئَلاَّ يَفْتَخِرَ عَلَيَّ إِسْرَائِيلُ قَائِلًا: يَدِي خَلَّصَتْنِي. وَالآنَ نَادِ فِي آذَانِ الشَّعْبِ قَائِلًا: مَنْ كَانَ خَائِفًا وَمُرْتَعِدًا فَلْيَرْجعْ وَيَنْصَرِفْ مِنْ جَبَلِ جِلْعَادَ». فَرَجَعَ مِنَ الشَّعْبِ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ أَلْفًا. وَبَقِيَ عَشَرَةُ آلاَفٍ. وَقَالَ الرَّبُّ لِجِدْعُونَ: «لَمْ يَزَلِ الشَّعْبُ كَثِيرًا. اِنْزِلْ بِهِمْ إِلَى الْمَاءِ فَأُنَقِّيَهُمْ لَكَ هُنَاكَ. وَيَكُونُ أَنَّ الَّذِي أَقُولُ لَكَ عَنْهُ: هذَا يَذْهَبُ مَعَكَ، فَهُوَ يَذْهَبُ مَعَكَ. وَكُلُّ مَنْ أَقُولُ لَكَ عَنْهُ: هذَا لاَ يَذْهَبُ مَعَكَ فَهُوَ لاَ يَذْهَبُ». فَنَزَلَ بِالشَّعْبِ إِلَى الْمَاءِ. وَقَالَ الرَّبُّ لِجِدْعُونَ: «كُلُّ مَنْ يَلَغُ بِلِسَانِهِ مِنَ الْمَاءِ كَمَا يَلَغُ الْكَلْبُ فَأَوْقِفْهُ وَحْدَهُ. وَكَذَا كُلُّ مَنْ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ لِلشُّرْبِ». وَكَانَ عَدَدُ الَّذِينَ وَلَغُوا بِيَدِهِمْ إِلَى فَمِهِمْ ثَلاَثَ مِئَةِ رَجُل. وَأَمَّا بَاقِي الشَّعْبِ جَمِيعًا فَجَثَوْا عَلَى رُكَبِهِمْ لِشُرْبِ الْمَاءِ. فَقَالَ الرَّبُّ لِجِدْعُونَ: «بِالثَّلاَثِ مِئَةِ الرَّجُلِ الَّذِينَ وَلَغُوا أُخَلِّصُكُمْ وَأَدْفَعُ الْمِدْيَانِيِّينَ لِيَدِكَ. وَأَمَّا سَائِرُ الشَّعْبِ فَلْيَذْهَبُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَكَانِهِ». فَأَخَذَ الشَّعْبُ زَادًا بِيَدِهِمْ مَعَ أَبْوَاقِهِمْ. وَأَرْسَلَ سَائِرَ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ كُلَّ وَاحِدٍ إِلَى خَيْمَتِهِ، وَأَمْسَكَ الثَّلاَثَ مِئَةِ رَّجُلِ. وَكَانَتْ مَحَلَّةُ الْمِدْيَانِيِّينَ تَحْتَهُ فِي الْوَادِي». بينما ورد في القرآن الكريم: ﴿فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِٱلْجُنُودِ قَالَ إِنَّ ٱللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّى وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُۥ مِنِّىٓ إِلَّا مَنِ ٱغْتَرَفَ غُرْفَةًۢ بِيَدِهِۦ ۚ فَشَرِبُوا۟ مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۚ فَلَمَّا جَاوَزَهُۥ هُوَ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ مَعَهُۥ قَالُوا۟ لَا طَاقَةَ لَنَا ٱلْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِۦ ۚ قَالَ ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَـٰقُوا۟ ٱللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةًۢ بِإِذْنِ ٱللَّهِ ۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ﴾».
قال الإمام (منه السلام): «بكل تأكيد».
قلت: «هل كان محمد (صلى الله عليه وآله) هو الذي يصحح ما جاء في التوراة والإنجيل أم أن محمد (صلى الله عليه وآله) نقل تفاصيل القصة بشكل خاطئ، أم أنها تعرضت للتحريف بعد النبي محمد (صلى الله عليه وآله)؟».
قال الإمام (منه السلام): «كلها حُرفت بعد محمد (صلى الله عليه وآله)».
قلت: «لا حول ولا قوة إلا بالله».
قال الإمام (منه السلام): «هذا الكتاب ليس ذات الكتاب الذي نزل على محمد».
قلت: «كيف نعرف ما هي الحقيقة؟».
قال الإمام (منه السلام): «هناك وقت سوف ننزل به القرآن الحقيقي الذي نزل على محمد مثلما فعلنا في أمر الكعبة وشهر رمضان وما شابه، انتظر وسوف تتمتع وتضحك وتبكي حين تقرأ القرآن وسوف تُذهل، أعتقد أنك لن تنام لثلاث ليالٍ متتالية تقرأ وتتدبر فيه حينها».
قلت: «جاء في أقدم نسخ التوراة أن إسحاق هو الذي كان سيُذبح على يد إبراهيم بينما ينص القرآن على أن إسماعيل هو الذبيح، إما أن التوراة فيها تحريف هنا أو القرآن وقع به تحريف في هذه المسألة أو أن الاثنين ذبيحان، أين الحقيقة؟».
قال الإمام (منه السلام): «إسماعيل هو الذبيح».
قلت: «إذن التوراة هي التي وقع بها التحريف في هذا الموضع؟».
قال الإمام (منه السلام): «نعم».
قلت: «هناك آية في القرآن عن عيسى (عليه السلام) تقول: ﴿قَالَ إِنِّى عَبْدُ ٱللَّهِ﴾، يسأل أحدهم ما إذا كان معنى الآية هنا أنه عبد من عباد الله؟ أم أن روح عبد الله نطقت على لسانه وهو الشبيه، عندما كان في هيئة ملاك؟ أم ما هو معنى الآية؟».
قال الإمام (منه السلام): «القصد أنه عبد من عبيد الله، إن صحت الآية، لكن عموماً هو يقصد أنه عبد من عبيد الله».
قلت: «إنها محرفة إذن؟». لكن الإمام (منه السلام) التزم الصمت.
قال الإمام (منه السلام): «توجد في القرآن هذه الآية: ﴿وَٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ فَٱقْطَعُوٓا۟ أَيْدِيَهُمَا جَزَآءًۢ بِمَا كَسَبَا نَكَـٰلًا مِّنَ ٱللَّهِ ۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾».
قلت: «هل هذه الآية محرفة؟».
قال الإمام (منه السلام): «نعم هكذا نزلت: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فبقعوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾».
قلت: «إذن لا توجد آية في القرآن تأمر بقطع يد السارق؟».
قال الإمام (منه السلام): «لا، كان هناك نبات خاص له لون غامق ويصعب إزالته يصبغون به يد السارق حتى يكون عبرة لغيره».
ذات يوم كنت أتحدث أنا وآدم (عليه السلام) عن القرآن وأشار إلى آية في القرآن كانت معلقة على الحائط في الغرفة وقال: «سمعت من إبراهيم (عليه السلام) كيف نزلت هذه الآية ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ﴾».
قلت: «ماذا سمعت؟».
قال آدم (عليه السلام): «قال أنها نزلت هكذا: ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ المُرتَضَى فَتَرْضَىٰ﴾».
قال الإمام أحمد الحسن (منه السلام): «سوف أعطيك شيء بني، دعني أسألك سؤال، القرآن كلام من؟».
قلت: «الله؟».
قال الإمام (منه السلام): «وهل يقول الله ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾؟ هل يقول الله عن نفسه ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾؟».
قلت: «أظن لا».
قال الإمام (منه السلام): «القرآن هو كلام النبي محمد (صلى الله عليه وآله). هو الذي كتب القرآن بوحي إلهي، لكن الكلمات هي كلماته».
قلت: «إذن، لم يكن الأمر كما يظن المسلمون، بأن جبرائيل أنزل عليه القرآن كلمةً وحرفاً وجعله يتلوه؟».
قال الإمام (منه السلام): «لا كان وحي في قلبه وهو نطق بالكلمات».
بإمكاننا أن نرى أنه في القرن الماضي فقط أصبحت مجموعات مثل مخطوطات نجع حمادي والأناجيل المفقودة والهفت الشريف ومصحف صنعاء معروفة جيداً بين العلماء والخبراء، لكن لا يزال عامة الناس غافلين عنها إلى حد كبير.
قال الإمام أحمد الحسن (منه السلام): «أريد برنامج يجعل الناس تفهم أن ليس من مصلحة أمريكا وإسرائيل أن يُنفى الدين الإسلامي الحالي ولا مذاهبه لأن هذا الدين والمذاهب يجلب الأموال والأمان لهم، وهم باستطاعتهم أن يثبتوا للناس أن هذه الأديان تم تحريفها منذ قرون طويلة لما وجدوه من أدلة وبراهين على ذلك أثناء بحثهم وتنقيبهم عن الآثار، وهم يخفون الكثير من الأسرار عن المسلمين خاصة وعن باقي أتباع الأديان السماوية عامة، يستطيعون فعل ذلك لكن هذا ليس من مصلحتهم».