ظهر الإمام أحمد الحسن (منه السلام) في العراق في عام ١٩٩٩ واحتج بأنه رسول من الإمام المهدي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأعلن أنه اليماني الموعود ودعى الناس لمبايعة الإمام المهدي (صلى الله عليه وآله وسلم). قال الإمام الباقر (منه السلام):
«وليس في الرايات أهدى من راية اليماني، هي راية هدى لأنه يدعو إلى صاحبكم، فإذا خرج اليماني حُرم بيع السلاح على الناس وكل مسلم وإذا خرج اليماني فانهض إليه، فإن رايته راية هدى، ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه، فمن فعل فهو من أهل النار، لأنه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم».
إن شخصية اليماني هي شخصية محورية في الروايات الإسلامية المتعلقة بأحداث آخر الزمان، حيث يسبق ظهوره ظهور الإمام المهدي (صلى الله عليه وآله وسلم)، بل يُعتبر اليماني من العلامات الحتمية والقريبة جداً من ظهور الإمام المهدي (صلى الله عليه وآله وسلم). عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال:
«النداء من المحتوم، والسفياني من المحتوم، واليماني من المحتوم، وقتل النفس الزكية من المحتوم، وكف يطلع من السماء من المحتوم».
واليماني في الحقيقة هو واحد من ثلاث شخصيات تظهر في نفس الوقت قبل خروج القائم، وهم الخراساني واليماني والسفياني. قال الإمام الصادق (منه السلام):
«خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة وفي شهر واحد في يوم واحد ونظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضا».
الشكل ١: صورة قديمة للإمام أحمد الحسن (منه السلام)
إن ما تمثله قضية اليماني من أهمية بالغة هو ما جذب الناس إلى الإمام أحمد الحسن (منه السلام) في بداية دعوته للناس علناً، حيث إنضم إلى دعوته رجال الدين المتعلمين والبسطاء غير المتعلمين على حد سواء. لقد كانوا جميعاً على علم بأنهم مكلفون بطاعة اليماني لاسيما أنه لم يَدَّعِ أحد أنه اليماني ويحتج بهذا الكم من الأدلة سوى الإمام أحمد الحسن (منه السلام). احتج الإمام أحمد الحسن (منه السلام) بأنه «أحمد» المذكور في وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنه «أحمد» المذكور في الروايات التي تشير إلى أصحاب الإمام المهدي (صلى الله عليه وآله وسلم) «ومن البصرة …أحمد»، كما احتج الإمام أحمد الحسن (منه السلام) كذلك بكونه أعلم من أهل التوراة بتوراتهم وأعلم من أهل الانجيل بإنجيلهم وأعلم من أهل القرآن بقرآنهم، متحدياً علماء هذه الديانات الثلاث أن يناظروه. بالإضافة إلى ذلك حث الإمام (منه السلام) الناس على أن يسألوا الله عنه ويستخيروا الله في أمره وما إذا كان صادقاً أم لا. شهد آلاف الناس برؤى صادقة جاءتهم من الله تؤيد أحقية الإمام أحمد الحسن (منه السلام) وتخبرهم بصدقه، كما شهد المئات بأنهم رأوا معجزات من الإمام أحمد الحسن (منه السلام)، وبهذا يكون الإمام أحمد الحسن (منه السلام) قد استوفى جميع الشروط الخاصة بمعرفة صاحب الحق الإلهي.
هز صوت الإمام أحمد الحسن (منه السلام) وجدان من سمعه، حيث صدرت منه أربعة خطابات صوتية وهي خطاب الحج وخطاب قصة اللقاء مع الإمام المهدي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وخطاب إلى كبيرهم لعلهم إليه يرجعون، وخطاب نصيحة إلى طلبة الحوزة العلمية في النجف الأشرف وفي قم وفي كل بقعة على هذه الأرض. بيّن الإمام أحمد الحسن (منه السلام) في هذه الخطابات رسالة دعوته الأساسية وهي أن العدو الأساسي لله وللإمام المهدي (صلى الله عليه وآله وسلم) وللقائم (منه السلام) هم رجال الدين والمؤسسات الدينية، وجاء هذا مصداقاً لروايات آل بيت محمد (منهم السلام)، حيث ورد عن الإمام الصادق (منه السلام):
«إن قائمنا إذا قام استقبل من جهل الناس أشد مما استقبله رسول الله (صلى الله عليه وآله) من جهال الجاهلية…إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أتى الناس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان والخشب المنحوتة، وإن قائمنا إذا قام أتى الناس وكلهم يتأول عليه كتاب الله يحتج عليه به»
ورُوي أيضاً:
«وإذا خرج هذا الإمام المهدي فليس له عدو مبين إلا الفقهاء خاصة … ولولا أن السيف بيده لأفتوا الفقهاء في قتله».
أثار الإمام أحمد الحسن (منه السلام) حفيظة المؤسسة الدينية الشيعية والتي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، حيث أعلن الإمام أن ما يسمى بآية الله العظمى السيستاني هو دجال سجستان (سيستان) المذكور في الروايات. قال أمير المؤمنين (منه السلام):
«[الدجال]…يخرج من بلدة يقال لها إصفهان من قرية تعرف ب اليهودية عينه اليمنى ممسوحة»
ويرجع أصل أسلاف السيستاني بالفعل إلى أصفهان. ورد عنهم كذلك (منهم السلام):
«وظهور الدجال يخرج من المشرق من سجستان».
قال الإمام أحمد الحسن (منه السلام) أن علي السيستاني هو دجال مهد الطريق لأمريكا الدجال الأكبر وأعانهم على القضاء على حاكمية الله تماماً في العراق وتأسيس حاكمية الناس. من المثير للإهتمام أيضاً أن علي السيستاني خضع لعملية جراحية في عينه اليمنى في لندن ويزعم الكثير أنه مصاب بالعمى في عينه اليمنى.
الشكل ٢: صورة لـ علي السيستاني دجال سجستان
إنطلق الإمام أحمد الحسن (منه السلام) بدعوته في عام ١٩٩٩بتنصيب علني من الإمام المهدي (صلى الله عليه وآله وسلم). قال الإمام الصادق (منه السلام):
«إنك لو رأيت السفياني لرأيت أخبث الناس».
ورُوي عنه كذلك:
«في عنقه صليب».
وعن أبي جعفر الباقر (منه السلام) قال:
«السفياني أحمر أشقر أزرق لم يعبد الله قط».
وقال أمير المؤمنين (منه السلام):
«وخروج السفياني براية حمراء».
وكما ترون في الصور أدناه، فإن الملك عبد الله، ملك الأردن، كان شعره أشقر عندما كان طفلاً، وعيونه زرقاء، ولون بشرته يميل إلى الإحمرار، ويرتدي صليباً على عنقه وصدره ورايته حمراء. بالإضافة إلى كل ذلك تسلم مقاليد الحكم في نفس العام الذي بدأت فيه دعوة الإمام أحمد الحسن (منه السلام).
الشكل ٣: السفياني ملك الأردن
ذات يوم قال الإمام أحمد الحسن (منه السلام): «السفياني هو ما يسمى بملك الأردن».
قلت: «والأحداث التي تحصل الآن في العراق هي تمهيد لخروج الخراساني واليماني والسفياني تجاه الكوفة صحيح؟».
قال الإمام (منه السلام): «هذه إحدى الخطوات المهمة للدعوة، صحيح، أحسنت».
لقد حذا الإمام أحمد الحسن (منه السلام) حذو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في بداية دعوته إلى الإسلام، وكتب رسائل إلى العديد من زعماء وقادة العالم يخبرهم فيها بظهور الإمام المهدي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويدعوهم فيها إلى تلبية دعوته. وكانت واحدة من رسائله موجهة إلى علي خامنئي، ما يسمى بالمرشد الأعلى في إيران، يطالبه فيها بتسليم السلطة إلى الإمام المهدي (صلى الله عليه وآله وسلم). كما وجه (منه السلام) رسالة أخرى إلى الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش يحذره من عواقب أفعاله في العراق. وخاطب الإمام أحمد الحسن (منه السلام) أيضاً أهل العراق طالباً منهم النصرة.
ومضى الإمام (منه السلام) يكتب كتابين في غاية الأهمية، أحدهما كتاب التوحيد والآخر كتاب العجل. كما أسس دار عبادة مع أنصاره وعلمهم الكثير من الأمور وقد قاموا هم فيما بعد بتجميعها وكتابة كتب من أقواله. كما أعلن الإمام (منه السلام) أن رمز دعوته هو نجمة داود (عليه السلام) أو النجمة السداسية لأنها من ميراث الأنبياء والرسل، والإمام (منه السلام) وريث الأنبياء والرسل. وقد دفع ذلك رجال الدين إلى مهاجمته وإطلاق شائعات عنه بكونه عميل إسرائيلي أُرسل للقضاء على الدين الإسلامي. قال الإمام (منه السلام) أن النجمة تحمل نفس معنى عبارة «الله أكبر» في عَلَم العراق وأن أي شخص يزدري النجمة فإنه يزدري اسم الله.
بدأ الإمام أحمد الحسن (منه السلام) يُصرح بأن تقليد فقهاء الدين باطل وليس من الإسلام. وصرح أيضاً بأن الخُمس لا يُعطى لرجال الدين بل يُعطى للإمام المهدي (صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه. جردت هاتان المسألتان علماء الدين من أي سلطة حيث عكف علماء الدين على نشر أكاذيب الخميني المتعلقة بمفهوم «ولاية الفقيه» الباطلة بين الناس والذي يعطي الفقهاء نفس صلاحيات الأنبياء والمرسلين (عليهم السلام). كما قال الفقهاء أيضاً بوجوب التقليد، وأن على كل مسلم أن يختار فقيهاً يتبعه، وإن لم يفعل لم تُقبل صلاته ولا صيامه ولا زكاته ولا يقبل منه أي عمل صالح. لقد نصب الفقهاء أنفسهم أئمة وجعلوا أنفسهم أرباباً، فأخذ الإمام أحمد الحسن (منه السلام) الفأس وبدأ يهدم كل تلك المعتقدات الباطلة وعرّف الناس بأن الفقهاء يغتنون على حساب الفقراء ويسرقون أموالهم باسم الله وباسم الدين.
عندما يمرض الفقراء ينصحهم الفقهاء بزيارة أضرحة المعصومين والدعاء فيها طلباً للشفاء ولكن عندما يمرض الفقهاء يذهبون إلى أفضل المستشفيات في أوروبا وأمريكا للعلاج، ورغم ذلك تجدهم يهتفون «الموت لأمريكا». إن الإمام أحمد الحسن (منه السلام) هو أول من فضح نفاق وفساد المؤسسة الدينية وسيخلده التاريخ على أنه الوحيد الذي فضح بطلانهم بهذه الطريقة.
ظل الإمام أحمد الحسن (منه السلام) يتحدث عن علماء الدين مبيناً أنهم في الواقع أعداء الإمام المهدي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأعداء عيسى (عليه السلام) وأعداء جميع الأنبياء والمرسلين (عليهم السلام). وذكَّر الإمام أحمد الحسن (منه السلام) الناس بأن أعداء عيسى (عليه السلام) كانوا في الحقيقة رجال الدين وأعداء محمد وآل محمد (منهم السلام) كانوا كذلك رجال الدين، مستشهِداً بأحاديث آل البيت (منهم السلام):
«أعداؤه الفقهاء المقلدون، يدخلون تحت حكمه خوفاً من سيفه وسطوته، ورغبة فيما لديه يبايعه العارفون بالله تعالى من أهل الحقائق…».
وقال الإمام الصادق (منه السلام) كذلك:
«يضع الجزية ويدعو إلى الله بالسيف… يرفع المذاهب من الأرض فلا يبقى إلا الدين الخالص، أعداؤه مقلدة العلماء أهل الاجتهاد».
وقال الإمام الصادق (منه السلام) كذلك:
«فإذا خرج القائم من كربلاء وأراد النجف والناس حوله قتل بين الكربلاء والنجف ستة عشر ألف فقيه فيقول الذين حوله من المنافقين إنه ليس من ولد فاطمة وإلا لرحمهم».
يتضح جلياً أن أعظم مشكلة تواجه القائم في بداية حكمه هي قضية علماء الدين. رغم أن القائم رجل سلمي ولا يسعى إلا لنشر دين الله، إلا أن علماء الدين - مثلما فعلوا مع الإمام أحمد الحسن (منه السلام) - يحاولون قتله، وذلك لأن دينه ينزع عن علماء الدين المزيفين هؤلاء سلطتهم الكاذبة ويفضح كذبهم واحتيالهم على الناس. علماء الدين هم المشكلة الأساسية في العالم اليوم، إنهم أداة الأنظمة والحكومات الطاغوتية حيث يدعون الناس إلى طاعة الحاكم ويزعمون أن الخارج على الحاكم كافر. وهم الذين حموا طغاة العرب وعززوا سلطتهم، وهذا ليس فقط في الشرق الأوسط بل في جميع أنحاء العالم.
أدت هذه الحرب التي شنها الإمام أحمد الحسن (منه السلام) على الفقهاء والمؤسسات الدينية إلى تأهبهم لشن معركتهم النهائية ضد الإمام والدعوة وما اعتبروه تهديداً متزايداً لسلطتهم. وفي عام ٢٠٠٧، بدأ علماء الدين الشيعة بإصدار فتاوى ضد الإمام أحمد الحسن (منه السلام) وأتباعه تكفرهم وتصفه بأنه دجال، ودفعت المرجعية الشيعية قوات الأمن العراقية إلى مداهمة منازل أنصار الإمام أحمد الحسن (منه السلام) والهجوم عليهم واعتقالهم، قُتل العديد من المؤمنين الأبرياء وإعتُقلوا دون وجه حق وزُج بهم في السجون دون أي مُحاكمة. كانت الميليشيات الشيعية وأتباع المراجع يبحثون عن الإمام أحمد الحسن (منه السلام) ويريدون قتله لأنه تحدث عن علماء الدين وهو ما اعتبروه كفراً.
تنبأ الإمام أحمد الحسن (منه السلام) بحدوث ذلك في خطاب الحج حيث قال (منه السلام): «وسيرى العالم كُله كربلاء جديدةً على هذه الأرض، كربلاء فيها الحُسين وأصحابه، قلة يدعون إلى الحق، وإلى حاكمية الله، ويرفضون حاكمية الناس وديمقراطية أمريكا، وسقيفة العُلماء غير العاملين، كربلاء فيها شُريح القاضي وشمر بن ذي الجوشن وشبث بن ربعي العُلماء غير العاملين، الذين يفتون بقتل الحُسين، كربلاء فيها يزيد وبن زياد وسرجون والروم أمريكا من وراءه، وسيرى العالم ملحمة رسالة جديدة لعيسى بن مريم على الأرض المُقدَّسة، وستكون أرضٌ مُقدَّسة فيها عيسى وحوارييه قلة مُستضعفة يخافون أن يتخطَّفهم الناس، ستكون أرضٌ مُقدَّسة فيها عُلماء اليهود الذين يُطالبون بقتل عيسى، والرومان الأمريكان الذين يُلبّون مطالبهم ويحاولون قتل عيسى […]. فلتكن مشيئة الرب هكذا وكما كانت دائماً أن ينتصر الطُغاة ويُقتل الرُسل والمؤمنون، فما خُلقنا للدُنيا بل للآخرة، اللهم إن كان هذا يُرضيك فخُذ حتى ترضى، أو لتتبدل مشيئة الرب هذه المرة ليرى العالم كُله قلةً مُستضعفةً لا يملكون إلا يقينهم أن (لا قوة إلا بالله) تنتصر وتهزم شر طُغاة عرفتهم هذه الأرض. سيقول هؤلاء العُلماء غير العاملين بل قال بعضهم: اقتلوا أحمد الحسن فهو يتكلَّم على العُلماء، نعم يتكلم على العُلماء، لأنه يُريد إعادة سُنة رسول الله غضةً طرية، وأي عُلماء هم، فهم يُحاربون من يدعو إلى شيءٍ من الحق، فكيف وأنا أدعوهم اليوم إلى الحق كُله، سيرة الأنبياء والمُرسلين، وسيرة الأئمة والأوصياء، سيرة مُحَمَّد وعلي، وسيرة الحُسين، وسيرة الإمام المهدي (عليه السلام)، سيرة عيسى (عليه السلام) الذي يقول: «خادمي يداي، ودابتي رجلاي، وفراشي الأرض، ووسادي الحجر، ودفئي في الشتاء مشارق الأرض، وسراجي بالليل القمر، وإدامي الجوع، وشعاري الخوف، ولباسي الصوف، وفاكهتي وريحانتي ما أنبتت الأرض للوحوش والأنعام، أبيت وليس لي شيء، وأُصبح وليس لي شيء، وليس على وجه الأرض أحدٌ أغنى مني».
قُصف منزل الإمام أحمد الحسن (منه السلام) وقُتل أنصاره وإغتُصبت أرضه، ومن هنا أُجبر الإمام (منه السلام) على أن يختفي عن الأنظار حيث باتت حياته معرضة للخطر من قبل الميليشيات والحكومة الشيعية.
قال الإمام أحمد الحسن (منه السلام) في خطاب قصة اللقاء: «وعما قليل ستعلمون أي ذنبٍ إقترفتم وأي حُرمةٍ لله إنتهكتم ولات حين ندم. وإني ظاعنٌ عنكم عما قليل يا ذراري قتلة الحُسين بن علي (عليه السلام)، فقد قتلهُ قديماً فُقهاؤكم ومُجتهديكم شمر بن ذي الجوشن وشبث بن ربعي وأعانهم آبائكم، واليوم لو شئت لسمَّيت فيكم شمر بن ذي الجوشن وشبث بن ربعي، ولكن هيهات مالي وما لهؤلاء الحمقى الذين لا يكادون يفقهون حديثاً. ولا تفرحوا أيها الظلمة بإبتعادي عنكم وهجرتي من بلادكم، فلن يطول الأمر حتى أعود مع أبي مُحَمَّد بن الحسن المهدي (عليه السلام) الذي لن يُعطيكم إلا السيف والموت تحت ظل السيف، يا من رضيتم بفعل آبائكم، واتبعتم الشمر (لعنه الله) في زمانكم وشبث بن ربعي (لعنه الله) في دياركم، ولن ينفعكم الندم حينها يا قتلة الأنبياء وأبناء الأنبياء، ولن تجدوا إلا خُسران الدنيا والآخرة جزاءاً بما اقترفت أيديكم وألسنتكم من الزور والبُهتان والكذب والإفتراء والاتهامات الباطلة، وسيأتيكم أبي غضبان أسفاً بما فعلتم بي وإنتهكتم من حُرمتي، وستعلمون حينها عندما لا ينفعكم العلم شيئاً على من اجترأتم وأي حُرمةٍ لله ولمُحّمَّد ولعلي ولآلهما (عليهم السلام) انتهكتم. فيا شُذّاذ الأحزاب ونبذة الكتاب وعصبة الإثم، ومُحرِّف الكلِم، وقتلة الأنبياء وأبناء الأنبياء، لن يُمكِّنكم الله من عُنقي،كما مكَّن أسلافكم من جدي الحُسين (عليه السلام)، فهذه هي النهاية، واليوم يوم الله الأكبر، وهذا نذير من النُذر الأولى، وإنها لإحدى الكبر، نذيراً للبشر.
وسأعود لأبي مُحَمَّد بن الحسن المهدي (عليه السلام) لأُخبرهُ بتكذيبكم إياي وإنتهاككم لحُرمتي بالبُهتان وقول الزور، وأخيراً مُحاولتكم لسجني وقتلي، لا لشيء فقط لأنكم تعلمون أن الحق الذي جئتُ به لن يُبقي لباطلكم شيئاً، وإلا فها أنتم تصافحون من ينكر وجود الله كالشيوعيين ولا تنكرون عليهم قول أو فعل،
﴿يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُواْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونِ﴾».
هذه آخر صورة معروفة للإمام أحمد الحسن (منه السلام) وتعود إلى عام ٢٠٠٧ قبل إختفائه من العراق.
الشكل ٤: صورة الإمام أحمد الحسن (منه السلام) في ٢٠٠٧
بعد سجنهم وقتلهم الكثير من أنصار الإمام أحمد الحسن (منه السلام) وبعد مغادرة الإمام (منه السلام) العراق، تأهبت المؤسسة الشيعية للكشف عن المرحلة التالية لخطتها الخبيثة. فلم يستطيعوا إثبات مسؤولية الإمام أحمد الحسن (منه السلام) أو المؤمنين من حوله عن أي جرائم، ومن هنا وجدوا أنفسهم مجبرين على السماح لمن تبقى من المؤمنين بأن يمارسوا معتقداتهم بحرية في العراق، حتى أنهم سمحوا لهم بفتح مكاتب ونشر مطبوعات ومنشورات رسمية في كل أنحاء البلاد. ولو كان أنصار الإمام أحمد الحسن (منه السلام) أو الإمام نفسه مسؤول عن إرتكاب أي جريمة لما سمحت لهم الحكومة أبداً بفتح مكاتب رسمية ودور عبادة وإطلاق قناة فضائية ودعوة الناس علناً إلى دعوته. لكنهم سمحوا لهم بالقيام بكل ذلك لكن تحت سيطرتهم، ليس فقط في العراق ولكن في المملكة المتحدة وأستراليا وأجزاء أخرى من العالم أيضاً.
اخترقت أجهزة المخابرات الإيرانية والعراقية الدعوة في أعلى مستوياتها، حيث جندوا بعض من أعضائها ووضعوهم في مراكز قيادة بها كمسؤولين عنها. وكانت الخطوة التالية هي انتحال شخصية الإمام (منه السلام) حيث جاءوا بأحد يقلد صوته وجعلوه يسجل خطاباً كاملاً نسبوه للإمام (منه السلام) باسم «خطاب محرم» ثم فتحوا صفحة رسمية على الفيسبوك بإسمه وأنشأوا مكتباً رسمياً وادّعوا أن المكتب هو الممثل الوحيد والباب الوحيد للإمام أحمد الحسن (منه السلام). لم يظهر الإمام أحمد الحسن (منه السلام) علانية ولم يظهر في أي فيديو أو صورة منذ عام ٢٠٠٧، أما صوته فكان يُسمع كثيراً في غرفة البالتوك التابعة للمكتب. اعتقد معظم المؤمنين بالإمام أحمد الحسن (منه السلام) أنه هو بالفعل صاحب هذا الصوت والمكتب وصفحة الفيسبوك، وظل الوضع على ما هو عليه حتى عام ٢٠١٥. تسمى هذه الفترة من عام ٢٠٠٨ حتى عام ٢٠١٥ بفتنة العجل.
تنبأ الإمام (منه السلام) بوقوع كل هذه الأحداث، ولهذا السبب كان قد كتب كتاباً وتركه لأنصاره بعنوان «العجل». تناول الكتاب الفتنة التي وقع فيها بنو إسرائيل عندما غاب عنهم موسى (عليه السلام) لمدة أربعين يوماً وليلة، حيث أقنعهم السامري بصنع عجل من ذهب ليعبدوه بدلاً من الله. هذا العجل لم يتحرك ولم يكن حياً ولكن كان له خوار، تماماً كما كان الحال مع الصوت المزيف للمكتب. أعطى أنصار الإمام أحمد الحسن (منه السلام) أموالهم للعجل (أي المكتب والصوت المزيف) وأطاعوه في كل أمر له، غير مدركين أن الإمام أحمد الحسن (منه السلام) لم يتواصل مع أي منهم منذ عام ٢٠٠٧. ظن الكثير من أنصار الإمام أحمد الحسن (منه السلام) الأوائل أنه مات، وقرروا أن يكونوا جزءاً من هذه المؤامرة طمعاً في المال والسلطة.
دخل الإمام أحمد الحسن (منه السلام) في غيبة واختفى من العراق، مصطحباً معه عدداً قليلاً من أصحابه الأكثر ثقة وإخلاصاً. ومن هؤلاء الصحابة أبا جعفر (عليه السلام) الذي هو المهدي إبراهيم في رجعته، وزوجته. عندما اضطر الإمام (منه السلام) أن يرحل كان على بعض من أصحابه أن يقدموا تضحيات كبيرة لكي يكونوا برفقته.
ذات يوم قال الإمام (منه السلام): «لا أريد أن يتزوج [أبا جعفر] على أم جعفر، يجب أن يبقى عليها، فهي إمرأة عظيمة جداً وأنا أعتمد عليها بشكل كبير».
قلت: «روحي لها الفداء وفداء كل من يخدمك».
قال الإمام (منه السلام): «أتعلم بني، هم تركوا أبناءهم من سنين في سبيل أن يبقوا بجانبي دون أن يلههم شيء عني وعن الدعوة، سلام الله عليهم، فهم عظماء».
قلت: «كم كانت أعمار أطفالهم؟».
قال الإمام (منه السلام): «أصغرهم كان عمره خمسة أشهر والآن هو شاب».
قلت: «سبحان الله، خمسة أشهر؟».
قال الإمام (منه السلام): «تخيل حجم التضحية».
قلت: «أي وحقك، عظماء فعلاً، أين تركوهم؟».
قال الإمام (منه السلام): «مع المؤمنين [الذين بقوا] يربوهم».
قلت: «سمعت أنه معك أطفال كثيرين في هذا المجتمع الذي به أبا جعفر».
قال الإمام (منه السلام): «اليوم أصبحوا ١٧٨ ولد وبنت تحت عمر الـ ١٦».
قلت: «كم عدد الأفراد الذين معك في المجتمع أبي؟».
قال الإمام (منه السلام): «حالياً ٧٩٩، لكن هذا العدد ينقص ويزيد».
قلت: «ينقص ويزيد؟».
قال الإمام (منه السلام): «لأني أرسلهم إلى أماكن شتى في مهام وأعمال».
قلت: «يعني هم يُهيئون ويجهزون الأرض لك؟».
قال الإمام (منه السلام): «نعم، يساهمون في هذا».
قلت: «هل هم ممن كانوا معك عندما خرجت من العراق؟».
قال الإمام (منه السلام): «نعم بني جزء صغير منهم، هم من العاشقين لك، صورك في كل مكان».
لم يسبق لي أن قمت بزيارة مجتمع الإمام (منه السلام) وأسباب ذلك كثيرة ولا حاجة لإدراجها هنا، لكن بُعدي عن مجتمع المؤمنين ذلك هو جزء من خطة الله، تماماً كما كان يوسف (عليه السلام) بعيداً عن أهله لعشرات السنين في مصر حتى كان هو الذي قال لهم: «أنا يوسف»، وموسى (عليه السلام) ظل بعيداً عن قومه في مدين لسنوات عديدة. وعندما أتحدث مع الإمام (منه السلام) يكون حديثنا بعيداً عن ذلك المجتمع. يمثل المجتمع الذي مع الإمام (منه السلام) مجموعة من أرقى المؤمنين والملائكة، بعضهم وليس كلهم من الـ ٣١٣ والـ ٥٠. وبعض الـ ٣١٣ و الـ ٥٠ معي حالياً . وآخرون ما زلنا ننتظر التحاقهم بنا.
وفي مناسبة أخرى قال الإمام (منه السلام) في وصف المؤمنين معه: «انظر نور عيني مَن عندي هنا لا يهزهم شيء، سوف أعطيك مثل حتى تفهم، لو قلت لهم إن الحجة محمد بن الحسن العسكري (عليه السلام) قد ارتد فلا يتأثرون، يحزنون لكن لا تهزهم أقوى الأعاصير».
إذن خلال غيبته غادر الإمام (منه السلام) العراق مع مجموعة صغيرة من المؤمنين المخلصين، وبنى مجتمعاً وصل إلى ما يقرب من ٨٠٠ فرد. يعمل هؤلاء الأفراد على نشر الدين في جميع أنحاء العالم لتمهيد الطريق لدولة العدل الإلهي. عاش الإمام أحمد الحسن (منه السلام) خلال تلك السنوات أيضاً في بعض البلدان الإفريقية بما في ذلك السودان وكان برفقته أحد أصحابه المقربين، وهو أبا الناصح (عليه السلام). أبا الناصح (عليه السلام) هو حبيب بن مظاهر في رجعته وقد كان مع الإمام (منه السلام) منذ البداية. خلال تلك الفترة كان الإمام (منه السلام) يعمل مهندساً في شركة وكان يتقاضى ٥٠٠ دولار شهرياً. كانت ظروفه المعيشية صعبة للغاية وكان بعد أن يدفع إيجاره ويشتري طعامه، ينفق باقي راتبه الشهري على نشر الدعوة.
ذات يوم تحدث الإمام (منه السلام) عن تلك الفترة وقال: «كنت أعيش في تلك الفترة بجوار رجل سوداني سلفي. كان يعلم أنني شيعي وكان يعتبرني كافراً. كل يوم كان يحاول إيذائي ويقطع الكهرباء عن منزلي. وكل يوم كان علي أن أخرج وأصلح الأسلاك التي قطعها. لم يعترف أبداً بفعلته ولم أقل له أن يتوقف. ذات يوم جاءني ودفعني بيديه الاثنين في صدري في محاولة للإطاحة بي. فأمسكت بيديه ورفعت نفسي».
قلت: «حاول أن يهاجمك؟! لعنة الله عليه!»
قال الإمام (منه السلام): «لا تلعنه بني، فهو لا يعلم. إنه جاهل، يعتقد أن ما فعله كان صواباً. الكثير من الناس في العالم هكذا. ادْعُ الله أن يهديهم بني واعمل ليلاً ونهاراً لتبين لهم الحقيقة».
قلت: «أستغفر الله، أبي».
قال الإمام (منه السلام): «بوركت بني. أتعلم، لا توجد ليلة أنام فيها دون أن أسأل الله المغفرة لكل المؤمنين».
قلت: «إذن هكذا سأفعل من الآن فصاعداً».
يروي أبا ميكائيل (عليه السلام) قصة أخرى وقعت أثناء غيبة الإمام (منه السلام): «قبل هلاك حاكم الحجاز عبد الله بدأ الوالد (صلى الله عليه وآله) يدعو ويلتقي ببعض المؤمنين الذين لم يلتقوا به من قبل. ذات ليلة كان الوالد (صلى الله عليه وآله) ينتظر أحد الأنصار في مكان ما فذهب الأنصاري ليبحث عن الوالد (صلى الله عليه وآله) فلم يجد الوالد لكن رأى شخص آخر جالس على صخرة وكان الوقت متأخر من الليل فتحير، هل هذا هو الوالد (صلى الله عليه وآله) أم لا، في النهاية رجع ولم يجد الوالد فاعتذر من الوالد وقال له: «سيدي بحثت عنك في ذلك المكان فلم أجدك، هل أنت الذي كنت جالس على تلك الصخرة؟». هل تعلم يا أخي عبد الله ماذا كان جواب الوالد (عليه الصلاة والسلام)؟ قال: «وأي صخرة تتحمل جلوسي عليها؟ لو كنت جالساً عليها لهز صراخها السماوات والأرض، سأموت ولن يعرف حقي أحد».
من أكثر الأمور المحزنة في قصة الإمام أحمد الحسن (منه السلام) هو تخليه عن كل شيء وفقدانه لكل شيء. عندما غادر الإمام العراق كانت هذه هي المرة الأخيرة التي رأى فيها والدته وتوفيت أثناء غيابه ولم يتمكن حتى من حضور جنازتها. ويبدو وكأن الإمام (منه السلام) لم يكن على اتصال بأبنائه. كنت قد سمعت قصصاً محزنة عن هذا الأمر، وعلى الرغم من أن الإمام (منه السلام) كان يتجنب دائماً الحديث عن ماضيه، وخاصة فيما يتعلق بأسرته، إلا أنني فهمت أن أسرته لم تكن معه ولم تنصره.
ذات يوم قال لي الإمام أحمد الحسن (منه السلام): «خوفي عليك وحبي لك ليس له حدود، لدي أولاد من صلبي ما فكرت بهم يوماً ولا خفت عليهم بنسبة ١٪ مقابل خوفي وحبي لك، قلت ١٪ حتى أصف فقط، أضع هذه النسبة للوصف، أولادي وبناتي يذهبون فداءاً لتراب أقدامك».
كنت في شدة الحرج مما قاله (منه السلام) ونظرت في الأرض وقلت: «أستغفر الله العلي العظيم».
قال الإمام (منه السلام): «أنا لدي ثلاثة أولاد، عبد الله وموسى وزينب. هؤلاء الوحيدون الذين قال لي الله عنهم أنهم ملكك وذخيرتك من الدنيا، بني رأيت الكثير من المآسي في هذه الدعوة وأنت تعلم، لا حاجة لأن أذكر لك كل ما حدث لي».
قلت: «لا حول ولا قوة إلا بالله. أبي، كل مرة أنظر فيها إلى مليكة أفكر في أبنائك، وما حدث لك يمنعني من أن أكون سعيداً. والله لا يمر وقت أنسى فيه. أُقبّل يديك، فأنت أب وأنت أعظم الآباء».
قال الإمام (منه السلام): «بوركت بني، أشكرك».
إن أهم ما حققه الإمام أحمد الحسن (منه السلام) أثناء غيبته هو بلوغه المرحلة النهائية. لقد لعب الإمام أحمد الحسن (منه السلام) دوراً جوهرياً في هذا الزمان. كما ذكرنا سابقاً في هذا الكتاب، بلغ النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) مقام الله في الخلق ومُنح سلطة إرسال الرسل. كان (صلى الله عليه وآله وسلم) خاتم أنبياء الله، وقد أرسل الأئمة والمهديين (عليهم السلام) كرسل منه. يلعب الإمام أحمد الحسن (منه السلام) دور جبرائيل (عليه السلام) في هذه المرحلة، فهو الذي يحمل الوحي أو الرسالة من الإمام المهدي، محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى المهديين (عليهم السلام). الإمام أحمد الحسن (منه السلام) هو الوحي كله في هذا الزمان.
قال الإمام أحمد الحسن (منه السلام): «الفتح المبين، الكمال في المعرفة، المعرفة التامة».
قلت: «أها! الفناء؟».
قال الإمام (منه السلام): «المرحلة الأخيرة، النهائية، الإستغناء عن كل شيء، الحقيقة الحقيقية، الكمال».
لقد بلغ الإمام أحمد الحسن (منه السلام) المرحلة النهائية من الكمال وارتقى إلى أسمى المراتب التي لا يكون فيها المرء أسيراً للعواطف والرغبات البشرية. صار أعظم من مجرد إمام أو مهدي. فمثلاً ليس لدى الإمام أحمد الحسن (منه السلام) أي غرائز جنسية. قال الإمام أحمد الحسن (منه السلام):
«أنا لا أمتلك هذه الغريزة، فقد غادرتُ عقلي ونفسي وجسدي منذ زمن».
كما أنني عرفت دوماً عن الإمام أحمد الحسن (منه السلام) نومه القليل وقضائه فترات طويلة دون نوم على الإطلاق. ومرات كان يقضي ستة أيام متتالية بلا نوم، وذات مرة جاءني الإمام (منه السلام) وقال: «آباك لم ينم منذ ثلاثة أيام».
قلت: «لا حول ولا قوة إلا بالله! لماذا أبي؟».
قال الإمام (منه السلام): «كانت لدي أعمال كثيرة يجب إنجازها، أنا أحتاج بضعة دقائق فقط من النوم، هذا يكفيني».
وكثيراً ما يعمل الإمام (منه السلام) بطرق غامضة حيث بإمكانه (منه السلام) أن يسافر لمسافات طويلة في لحظة وبمقدوره أن يستخدم عالم الأحلام كوسيلة للتواصل. ومتى ما واجهت مشكلة أو احتجت إليه كان (منه السلام) يعرف ذلك. في كل مرة احتجت إلى الإمام (منه السلام) وناديته في قلبي كان (منه السلام) يسمعني ويتصل بي تقريباً على الفور. وفي كثير من الأحيان كان الإمام (منه السلام) يأتيني في المنام ويعطيني معلومات ثم يتبين أنها صحيحة: واحد من أروع المواقف التي شهدتها مع الإمام (منه السلام) كانت عندما كان (منه السلام) قد غادر لفترة من الزمن في مهمة ما، ولم أتحدث معه لبضعة أشهر. ورأيت ذات ليلة في المنام أنه جاءني (منه السلام) وقال: «الليلة سوف أتحدث إليك» وبالفعل في تلك الليلة رجع وتحدث معي كما وعدني في المنام . بل إن هذا الأمر في غاية الأهمية لأن هكذا كانت بداية لقاءات الإمام (منه السلام) مع الإمام المهدي (صلى الله عليه وآله وسلم)، حيث رآه في المنام وأخبره الإمام المهدي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقابله في مكان معين.
وفي خطاب قصة اللقاء قال الإمام أحمد الحسن (منه السلام): «وقصة هذا اللقاء هي أني كنت في ليلة من الليالي نائماً فرأيت رؤيا في المنام كان الإمام المهدي (عليه السلام) واقفاً بالقرب من ضريح سيد محمد (عليه السلام) أخو الإمام العسكري (عليه السلام) وأمرني بالحضور للقائه (عليه السلام) وبعد ذلك استيقظت وكانت الساعة الثانية ليلاً، فصليت أربع ركعات من صلاة الليل ثم عدت للنوم فرأيت رؤيا ثانية قريبة من هذه الرؤيا وأيضاً كان فيها الإمام المهدي (عليه السلام) يحدد لي لقاء معه (عليه السلام). واستيقظت وكانت الساعة الرابعة ليلاً فأكملت صلاة الليل وصليت الفجرَ ثم بعد يومين من هذه الرؤى سافرت إلى سامراء وزُرت الإمامين العسكري والهادي (عليهم السلام) ثم عدت إلى بلد وزُرت الإمام سيد محمد (عليه السلام) ثم إلى بغداد وزُرت الإمامين الكاظم والجواد (عليهما السلام) ثم إلى كربلاء وزُرت الإمام الحسين (عليه السلام) والشهداء (عليهم السلام) والتقيت بالإمام المهدي (عليه السلام) ليلاً في ضريح الإمام الحسين (عليه السلام) ثم التقيت به عند الصباح في اليوم التالي في مقام الإمام المهدي (عليه السلام) الموجود في كربلاء في نهاية شارع السدرة وجلسنا لوحدنا في المقام الذي كان فارغاً إلا من الخادم الذي كان يقف في مصلى النساء».
لدى الإمام أحمد الحسن (منه السلام) كذلك القدرة على معرفة ما إذا كان الشخص في حالة شك أو إيمان أو كفر. ولكنه لم يظهر ذلك أبداً، بل كان يتعامل مع الشخص بالظاهر حتى لا يحرجه ولأن الناس دائماً يدعون الإيمان. كان لعيسى (عليه السلام) نفس القدرة، وقد ورد في القرآن الكريم:
﴿فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾.
ذات مرة قال لي الإمام أحمد الحسن (منه السلام): «ما أصعب هذا بني ما أصعبه، أن يقول لك شخص أنه يفديك بحياته وتقول له بوركت وأنت ترى عكس ذلك، تراه ينافق ويكذب».
للإمام (منه السلام) القدرة على النظر إلى وجه الشخص ومعرفة كرته السابقة من النظرة الأولى. ولديه القدرة على معرفة كرات الشخص وكل التفاصيل المتعلقة بحياته، ولديه القدرة على معرفة متى ولد ومتى سيموت. وكذلك لديه القدرة على معرفة ما إذا كان الوقت مناسباً لإخبار شخص معين بمعرفة معينة أو خبر معين من خلال النظر إلى وجهه. لقد اكتسب الإمام (منه السلام) كل الصفات والقدرات الإلهية بعد الفتح المبين.
من الأمور التي قد يتساءل عنها القارئ هي كيف عرفت الإمام أحمد الحسن (منه السلام)، منذ متى وأنا أعرفه وكيف كان لقائنا الأول. إذا سألتموه هذه الأسئلة، فسيجيبكم بهذه الكلمات:
«أنا لم أتركه منذ اليوم الذي جاء فيه إلى هذه الدنيا».