قال الإمام الصادق (منه السلام):
«ليس منّا من لم يؤمن برجعتنا».
الرجعة هو مفهوم جاء في روايات آل بيت محمد (منهم السلام) ويُقصد به رجعة أرواح البشر إلى هذا العالم مرة أخرى. قال الأئمة (منهم السلام) في أكثر من مناسبة أنه عند ظهور القائم (منه السلام):
«أتى المؤمن في قبره فيقال له: يا هذا إنه قد ظهر صاحبك، فإن تشأ أن تلحق به فألحق، وإن تشأ أن تقيم في كرامة ربك فأقم».
إذن يُمنح الأموات فرصة للعودة إلى هذا العالم في زمن القائم، وكيف يمكن أن يرجع الموتى إلى الحياة دون أن يولدوا من جديد؟ سأل المأمون الإمام الرضا (منه السلام) عن الرجعة، فكان جوابه:
«إنها لحق قد كانت في الأمم السالفة ونطق به القرآن وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يكون في هذه الأمة كل ما كان في الأمم السالفة حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة».
قال الإمام الباقر (منه السلام):
﴿وَحَرٰمٌ عَلٰى قَرۡيَةٍ اَهۡلَكۡنٰهَاۤ اَنَّهُمۡ لَا يَرۡجِعُوۡنَ﴾، «كل قرية أهلك الله أهلها بالعذاب لا يرجعون في الرجعة. فهذه الآية من أعظم الدلالة في الرجعة، لأن أحدا من أهل الإسلام لا ينكر أن الناس كلهم يرجعون إلى القيامة، من هلك ومن لم يهلك، فقوله: «لا يرجعون»، عنى في الرجعة، فأما إلى القيامة يرجعون حتى يدخلوا النار».
قال الإمام الباقر (منه السلام):
«إن رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله) وعلياً (عليه السلام) سيرجعان».
وقال الإمام زين العابدين (منه السلام):
﴿إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد﴾، قال: «يرجع إليكم نبيكم (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) والأئمة (عليهم السلام)».
وقال الإمام الصادق (منه السلام):
«أول من تنشق الأرض عنه ويرجع إلى الدنيا الحسين بن علي (عليه السلام)».
وقد ذكر آل بيت محمد (منهم السلام) في روايات عدة بعض أسماء الأنبياء والمرسلين والصحابة الذين سيرجعون في زمن القائم (منه السلام) ومن هؤلاء أهل الكهف، ويوشع بن نون، والمقداد، ومالك الأشتر، وسلمان الفارسي، وأبو دجانة الأنصاري، والمفضل بن عمر وغيرهم الكثير. وهذا مجرد غيض من فيض أحاديث محمد وآل محمد (منهم السلام) التي تتحدث عن مفهوم الرجعة.
وهناك مخطوطة بإسم الهفت الشريف برواية المفضل بن عمر والتي سجل فيها محادثاته مع الإمام الصادق (منه السلام). في هذا الكتاب يشرح الإمام الصادق (منه السلام) بالتفصيل مفهوم الرجعة في الإسلام وأن الرجعة هي تناسخ الأرواح. يُبيِّن الإمام الصادق (منه السلام) كذلك عدد كرات الروح ويشرح بالتفصيل كيف يمكن للروح أن تكر في شكل إنسان أو حيوان أو نبات أو حتى جماد مثل الصخر أو الحجر. قمنا بترجمة الكتاب إلى الإنجليزية وهو متاح للقراءة للجميع وقد قال الإمام أحمد الحسن (منه السلام) أن كتاب الهفت الشريف هو من أعظم الكتب الموجودة ومن أدقها، وظل على نسخته الأصلية بشكل كبير مع القليل من التحريف أو الإضافات عبر الزمن.
سأل علي الغريفي الإمام أحمد الحسن (منه السلام): «متى يكون عالم الرجعة، هل هو في عالمنا هذا أم في غيره؟ وما تفسير الرواية التي تقول أن أمير المؤمنين (منه السلام) سيملك أربعة وأربعين ألف عاماً ويولد للفرد من شيعته ألف ولداً ذكراً؟».
فقال (منه السلام): «أمير المؤمنين يعني جميع الحجج وأما «يولد للشيعة ألف ذكر»، الشيعة هم أنتم، من يهتدي من خلالكم فهو أنت من ولدته».
فسأل علي الغريفي: «جميع الحجج يعني المهديين؟».
فقال (منه السلام): «نعم المهديين».
سأل علي الغريفي: «الآية القرآنية التي تقول ﴿إِنَّهَا لَإِحْدَى ٱلْكُبَرِ﴾، هل الكبر هي يوم الرجعة وقيام القائم (عليه السلام) والقيامة؟».
فقال (منه السلام): «هذه الآية لا علاقة لها بكل هذا».
فسأل علي الغريفي: «ولكن هناك حديث أن الحسين (منه السلام) يرجع في زمن المهدي الذي لا عقب له، هل هذه الرواية صحيحة؟».
فقال (منه السلام): «نعم صحيحة، الذي لا عقب له من صلبه، من مائه».
فسأل علي الغريفي: «هل رجوع الأنبياء والمرسلين بشكل متوالي؟».
فقال (منه السلام): «لا ليس بشرط، الرجوع في هذه الرجعة غير مُسلسَل وغير متوالي وغير منسق وربما يكون آدم (عليه السلام) من صلب يوسف أو عيسى (عليهما السلام) هذه المرة».
فقال علي الغريفي: «يعني أفهم من هذا أن النسب المادي متعلق بالجسد المادي وليس للروح أي علاقة بهذه الروابط المادية؟ وهل يمكن أن يكون يوسف مثلاً من صلب رجل عادي أو الحسين (منه السلام) من صلب رجل عادي أم لابد أن يكون من صلب نبي أو إمام؟».
فأجاب الإمام أحمد الحسن (منه السلام): «مادياً يمكن أن يكون من رجل عادي أي غير معصوم».
فقال علي الغريفي: «نحن نعرف مقام الحسين (منه السلام) والأئمة (منهم السلام)، وحسب علمي هم أعلى مقاماً من المهديين (عليهم السلام)، فإذا كان فهمي صحيح فلابد أن يكون الحسين (منه السلام) في الرجعة بمقام أعلى من أن يكون أنصاري فقط».
فأجاب الإمام (منه السلام): «فهمك صحيح ولدي، فإن الحسين (عليه السلام) هو الحسين (عليه السلام)، ولدي أنت تريد الوصول إلى جواب معين سوف أوصله لك وأريحك، أنا الحسين، أنا الحسين الحامل لسيف جدي علي بن أبي طالب (عليه السلام) ذو الفقار والمنتصر في السيف والمنتقم لآل البيت (عليهم السلام) والأئمة والأنبياء والمرسلين (عليهم السلام)، الطالب بدم الأنبياء والأولياء والمرسلين، الحمد لله رب العالمين الذي شرفنا وشرفكم به، لا ينال هذا إلا من كان ذو حظ عظيم».
اقشعرت أبداننا و بكينا بكاءاً شديداً وقلت: «والله يشهد أني كنت أؤمن بذلك منذ سنين، أن أحمد الحسن (منه السلام) هو الإمام الحسين (منه السلام)».
فقال الإمام أحمد الحسن (منه السلام): «يا ولدي كنت مثل جدتك خديجة الكبرى صلى الله عليها وعلى أبنائها، مولت هذه الدعوة، أنت وأخوتك الطاهرين فلكم الفضل العظيم وإن الله لا يضيع أجر المحسنين، جزاكم الله خيراً، يشرفني أن تكون ولدي، أتشرف بك ولدي وبذريتك الأطهار الميامين عليك السلام مني دائماً وأبداً، أحسن الله لك».
ثم سأل علي الغريفي: «هل عالم الرجعة عالم مختلف عن العالم المادي أم هو واحد أم متشابك، أي متداخل معه؟».
فأجاب (منه السلام) قائلاً: «عالم الرجعة هو عالم ليس مختلف عن عالمنا هذا، نحن الآن في الرجعة وكل زمان كان فيه رجعة ولم يتوقف الرجوع، لكن هذه المرة سوف يكون متميز ولن يتكرر هذا الأمر مرة أخرى، فإن الأنبياء والمرسلين والأوصياء والطاهرين مجتمعون فيه، هذا الزمان هو الزمان الموعود الذي وعد الله به».
سأل علي الغريفي: «هل إنك سيدي رجعت خلال الألف ومائتان عام الأخيرة؟».
فقال (منه السلام): «هذا السؤال لن أجيبك عليه، معذرة منك ولدي».
فسأل علي الغريفي: «هل يوم القيامة هو بعد ولاية المهدي الثاني عشر؟».
فقال (منه السلام): «أي قيامة تقصد بالضبط؟ إن كنت تقصد القيامة الكبرى التي مفهومها أن الله يمحي هذا الكون أو هذه الأرض فإنها لن تكون ولن يشهدها مليون رجل من صلبك».
فقال علي الغريفي: «إذن ما معنى القيامة الكبرى ويوم الحساب، هل هي حاصلة وبشكل مستمر؟».
فقال الإمام أحمد الحسن (منه السلام): «يوم الحساب في الآخرة أي في آخر رجعة لك، نحن في الحساب الآن».
فقال علي الغريفي: «أنا فهمت أني في آخر رجعة الآن».
فقال (منه السلام): «إذن حين يموت جسدك سوف تذهب إلى الحساب أو يوم القيامة، لن تنتهي الحياة في هذا الكون أبداً إلى أبد الآبدين».
سأل علي الغريفي: «هل أنا في آخر رجعة لي؟».
فقال الإمام أحمد الحسن (منه السلام): «لو قَلَّبَت داخل نفسك جيداً لعرفت».
فقال علي الغريفي: «سيدي جزعت منها ويئست من نفسي، تعبت منها».
فقال (منه السلام): «اليأس دائماً يأتي من الشيطان لعنه الله».
فقال علي الغريفي: «أقصد يئست من نفسي ولكني والحمد لله لم أيأس من رحمة الله وما أعظم رحمته حتى إني الآن أتعجب منه سبحانه».
فقال الإمام أحمد الحسن (منه السلام): «حين تبحث عن نفسك كن صبوراً ومتريثاً وابحث عنها في تواضع ولا تنظر ولا تبحث عنها إلى فوق، ابحث عنها في مستوى بصرك».
فقال علي الغريفي: «هل لي أنا رجعة أخرى؟».
فقال (منه السلام): «ليس لك رجعة أخرى في الدنيا».
فقال علي الغريفي: «هل أفهم من جوابك أن هناك رجعات في عوالم أخرى غير الدنيا؟».
فقال (منه السلام): «إن شاء الله تعالى».
فسأل علي الغريفي: «هل الإيمان بالرجعة هو أصل من أصول الدين؟».
فقال (منه السلام): «لا».
سأل علي الغريفي: «هل قتل إبليس سيكون إن شاء الله في هذه الرجعة وهل لإبليس اللعين رجعات أخرى؟».
فأجاب الإمام (منه السلام): «إن شاء الله إن إبليس لعنه الله لن يرجع، نهايته سوف تكون هنا».
فقال علي الغريفي: «هناك رواية تقول أن أصحاب المهدي (عليه السلام) سيفقدون من فراشهم...فهل هذا سيحصل بالمعنى المادي في زماننا هذا؟».
فقال (منه السلام): «الفراش يعني الزوجة والعيال والأهل».
فقال علي الغريفي: «يعني هل سيحصل الأمر فجأة للأهل والناس؟».
فقال الإمام (منه السلام): «أحسنت ليس للجميع، ليس كل المؤمنين. هذه مهمة خاصة سوف تكون لبعض المؤمنين وليس جميعهم».
فسأل علي الغريفي: «يعني إختفاء في التو واللحظة أم الفقدان هو السفر؟».
فقال الإمام (منه السلام): «السفر بالإضافة لذلك ربما يكون تواً، يعني السفر ثم يكون الأمر مفاجئ».
فسأل علي الغريفي: «إذا إنتهت الرجعة لشخص معين فهل هذا معناه إنها آخر فرصة للامتحان والارتقاء؟».
فقال (منه السلام): «نعم هو كذلك».
فسأل علي الغريفي: «وبعدها تقوم قيامته؟».
فأجاب الإمام (منه السلام): «قيامته الشخصية».
فقال علي الغريفي: «هل هنا يحصل الموت؟ والذي كان قبله من الرجعات كان الوفاة؟».
أجاب الإمام (منه السلام): «نعم هنا».
فسأل علي الغريفي: «إذن من الممكن أن نقول أن ما موجود في كتاب الهفت الشريف للإمام الصادق (منه السلام) [هو صحيح]، أن الإنسان يدخل الدنيا مرات محددة وتكون ثابتة لكل شخص، بحيث أن مجموع الوقت الذي يعيشه مساوٍ لكل الناس؟».
فقال الإمام أحمد الحسن (منه السلام): «أنا قلت أن كتاب الهفت الشريف هو من أعظم الكتب الموجودة لكن فيه من التحريف أيضاً لكن قليل».
قال علي الغريفي: «طيب هل ما موجود في كتب البوذية من تناسخ الأرواح وما يسمى كما أظن بالسامسرا هو ليس خالي من الصحة وأن الإنسان ممكن أن تنتهي سلسلته بأن يصبح ملاك، هذا إن استمر بالارتقاء؟».
فأجاب الإمام (منه السلام): «الملائكة تستطيع أن تكون بشر لكن البشر لا يمكنهم أن يصبحوا ملائكة».
بَيّن الإمام أحمد الحسن (منه السلام) أن تناسخ الأرواح حقيقة وواقع موجود وأنه جزء من ديننا، وأن الناس ظلت ترجع وتكر منذ بداية الزمان وحتى الآن. أوضح الإمام (منه السلام) كذلك أن مفهوم الرجعة هو نفسه تناسخ الأرواح، وأقر كذلك بصحة كتاب الهفت الشريف والذي يضم تعاليم الإمام الصادق (منه السلام) حول تناسخ الأرواح، ووصفه بأنه من أعظم الكتب الموجودة على الإطلاق. كشف الإمام أحمد الحسن (منه السلام) كذلك عن كرته الشخصية وأنه هو الحسين بن علي (منهما السلام) فضلاً عن أنه كشف لنا عن علمه بكرات البشر.