منذ فجر الإنسانية كان أبناء آدم ينظرون دائماً نحو السماء وهم في حالة انبهار بالنجوم، وقد ولوا إهتماماً لحركة الكواكب والنجوم ورسموا خرائط لمجموعات النجوم المختلفة وربطوا بين حركات الأنوار في السماء والأحداث الواقعة على الأرض، وحتى العلم الحديث بيَّن لنا أن البدر له تأثير على المد والجزر وسلوك الحيوانات. وقد شيَّد الناس قديماً معابد مخصصة للنجوم والكواكب، بل إنهم شيدوا مدنهم لتحاكي شكلها في سماء الليل. في الباب الأول من هذا الكتاب نظرت حواء (عليها السلام) إلى السماء وهي مضطربة ورأت نورين ودعتهما أن يخبرا آدم (عليه السلام) بحالها، ويبدو أن الملائكة ظهرت لحواء (عليها السلام) في هيئة نجوم.
في مخطوطة الهفت الشريف سأل المفضل بن عمر الإمام جعفر الصادق (منه السلام):
«[ماذا عن] النجوم الثاقبة التي نراها بين السماء والأرض متفرقة متعلقة؟». قال الصادق: «تلك هي الأبدان النورانية التي جعلت للمؤمنين من أعمالهم، كذلك في سماء الأبدان شمس وقمر يراهم الذين هم من دونهم على مثل ما ترون، أبدان المكرمين النورانيين، وفي كل سماء من هذه السبعة الآدميين آدم قائم ثابت، على مثال ما خلق الله من الخلق الأول، ولهم مراتب في السموات سماء فسماء قد مراتبهم ودرجاتهم».
إذن نجد هنا أن المفضل بن عمر يسأل عن النجوم والكواكب التي نراها تلمع في السماء، وهنا يكشف له الإمام الصادق (منه السلام) أن الأبدان السماوية في سماء الليل هي في الحقيقة المؤمنون.
ورد في مخطوطة إنجيل يهوذا: «وقال لهم يسوع:
«كفاكم عراكاً معي، كل واحد منكم له نجمه، [و…] من النجوم سوف [...] ما ينتمي لها [...] لم أُرسل للجيل الذي يمكن إفساده، بل إلى الجيل القوي الذي لا يمكن إفساده، لأن لم يحكم عدو على هذا الجيل، ولا أي من النجوم. الحق أقول لكم، عامود النار سيسقط سريعاً وهذا الجيل لن تحركه النجوم».
وفي حوار بين عيسى (عليه السلام) وبين يهوذا في نفس المخطوطة جاء:
«أجاب عيسى قائلاً: «يا يهوذا، لقد أضلك نجمك»، ثم واصل: «لا يوجد شخص ذو مولد يستحق أن يدخل البيت الذي رأيته، لأن هذا المكان محفوظ فقط للقديسين، فلا الشمس ولا القمر يحكمان هناك، ولا النهار، ولكن المقدسون يظلون واقفين هناك دائماً في العوالم الأبدية مع الملائكة المقدسين. انظر لقد شرحت لك أسرار الملكوت، وعلمتك خطأ النجوم، و[...] أرسلتها إلى العوالم الإثني عشر».
وفي موضع آخر ورد:
«فقال يسوع: «الحق أقول لك، ستكمل النجوم لهم كل هذه الاشياء، عندما يكمل ساكلاس مدى الزمن المعين له سيظهر نجمهم الأول مع الأجيال، وسيتمّون ما قيل، وبعدها سيزنون باسمي ويذبحون أبناءهم [...] وسوف [...] الشر و[...] العوالم، يجلبون الأجيال ويقدمونها لساكلاس. وبعد ذلك سيجلب [...] القبائل الاثني عشر [لإسرائيل] من [...] والاجيال كلها ستخدم ساكلاس، وسيذنبون بإسمي. وسيحكم نجمك العالم الثالث عشر». ثم ضحك يسوع. قال يهوذا: «يا سيد، لماذا تضحك مني؟». أجاب يسوع وقال: «أنا لا أضحك منك ولكن على خطأ النجوم، لأن هذه النجوم الستة تضل ومعها هؤلاء المحاربون الخمسة، وسيدمرون جميعاً مع مخلوقاتهم». قال يهوذا ليسوع: «ما الذي سيفعله الذين اعتمدوا باسمك؟». قال يسوع: «الحق أقول لك هذه المعمودية باسمي [...] ستدمر جيل آدم الأرضي كله. غداً سيعذبون الذي سيحملني. الحق أقول لك لن تمسني يد أي بشر من الفانيين. الحق أقول لك يا يهوذا، هؤلاء الذين يقدمون تضحياتهم لساكلاس[...]، كل شيء خبيث. ولكنك ستفعل ما هو أكثر منهم جميعاًَ، لأنك ستضحي بالإنسان الذي يحملني، لقد إرتفع قرنك، واهتاج غضبك، وصعد نجمك وضل قلبك، الحق أقول لك، أخرك [...] وعروش العالم قد هُزمت والملوك قد هرموا، والأجيال الملائكية قد حزنت، والشر الذي زرعوه قد دُمر والحاكم قد تم القضاء عليه. ثم سيتم تبجيل ثمار جيل آدم العظيم، لأن هذا الجيل من العوالم كان موجود قبل السماء والأرض والملائكة. انظر، لقد أُخبرت بكل شيء، ارفع عينيك وانظر إلى السحابة والنور بداخلها والنجوم المحيطة بها. النجم الذي يقود الطريق هو نجمك».
يقول عيسى (عليه السلام) هنا بوضوح أن كل إنسان يمتلك روحاً له نجم خاص به، وأنه يمكن رؤية نجوم الأفراد بوضوح في السماء، كما أنه يشير أيضاً إلى أن النجوم لها تأثير على الناس في الأرض، لذا قال ليهوذا «وصعد نجمك وضل قلبك».
ذكرت روايات آل محمد (منهم السلام) كذلك أن أصل علم التنجيم وعلم الفلك يرجع إلى الأنبياء وخاصة النبي إدريس، وذكروا كذلك أن هذا العلم إستُخدم لمعرفة تاريخ ميلاد وموت البشر.
عن محمد بن غانم قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):
«عندنا قوم يقولون النجوم أصح من الرؤيا» فقال (عليه السلام): «كان ذلك صحيحا قبل أن ترد الشمس على يوشع بن نون وعلى أمير المؤمنين فلما رد الله تعالى الشمس عليهما ضل علماء النجوم فمنهم مصيب ومنهم مخطئ».
عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه سُئل عن علم النجوم فقال:
«ما يعلمها إلا أهل بيت من العرب وأهل بيت في الهند وحدثني بعض علماء المنجمين أن الذين يعلمون النجوم بالهند أولاد وصي إدريس (عليه السلام)».
وجاء في بحار الأنوار: وجدت في كتاب عتيق عن عطا قال:
«قيل لعلي بن أبي طالب (عليه السلام): هل كان للنجوم أصل؟ قال: نعم، نبي من الأنبياء قال له قومه: إنا لا نؤمن بك حتى تعلمنا بدء الخلق وآجاله، فأوحى الله عز وجل إلى غمامة فأمطرتهم، واستنقع حول الجبل ماء صاف، ثم أوحى الله عز وجل إلى الشمس والقمر والنجوم أن تجري في ذلك الماء، ثم أوحى الله عز وجل إلى ذلك النبي أن يرتقي هو وقومه على الجبل فارتقوا الجبل فقاموا على الماء حتى عرفوا بدء الخلق وآجاله بمجاري الشمس والقمر والنجوم وساعات الليل والنهار، وكان أحدهم يعلم متى يموت ومتى يمرض، ومن ذا الذي يولد له ومن ذا الذي لا يولد له، فبقوا كذلك برهة من دهرهم، ثم إن داود (عليه السلام) قاتلهم على الكفر، فأخرجوا إلى داود في القتال من لم يحضره أجله، ومن حضر أجله خلفوه في بيوتهم، فكان يقتل من أصحاب داود (عليه السلام) ولا يقتل من هؤلاء أحد! فقال داود (عليه السلام): رب أقاتل على طاعتك، ويقاتل هؤلاء على معصيتك، يقتل أصحابي ولا يقتل من هؤلاء أحد، فأوحى الله عز وجل: إني كنت علمتهم بدء الخلق وآجاله، وإنما أخرجوا إليك من لم يحضره أجله، ومن حضر أجله خلفوه في بيوتهم، فمن ثم يُقتل من أصحابك ولا يُقتل منهم أحد. قال داود (عليه السلام): يا رب على ماذا علمتهم؟ قال: على مجاري الشمس والقمر والنجوم وساعات الليل والنهار. قال: فدعا الله عز وجل فحبس الشمس عليهم، فزاد النهار واختلطت الزيادة بالليل والنهار فلم يعرفوا قدر الزيادة فاختلط حسابهم. وقال علي (عليه السلام): فمن ثم كره النظر في علم النجوم».
ورد في بحار الأنوار أن ميلاد النبي إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد (عليهم السلام أجمعين) تنبأ به من كانوا يجيدون قراءة علامات مجيئهم في النجوم أو من خلال ميلاد أو ظهور نجوم جديدة في سماء الليل!
ورد النص التالي في بحار الأنوار:
«وأما دلالة النجوم على إبراهيم (عليه السلام) فقد روى صاحب كتاب التجمل أن آزر أبا إبراهيم كان منجما لنمرود، ولم يكن صدر إلا عن أمره فنظر ليلة في النجوم فأصبح وهو يقول لنمرود: لقد رأيت في النجوم عجبا! قال: وما هو؟ قال: رأيت مولودا يولد في زماننا يكون هلاكنا على يديه، ولا يلبث إلا قليلا حتى يحمل به. قال: فتعجب من ذلك، ثم قال: هل حملت به النساء بعد؟ قال: لا، فحجب الرجال عن النساء ولم يدع امرأة إلا جعلها في المدينة، ولا يخلص إليها بعلها. قال: فوقع آزر على أهله، فحملت بإبراهيم، فظن أنه صاحبه فأرسل إلى قوابل ذلك الزمان - وكن أعلم الناس بالجنين ولا يكون في الرحم شئ إلا عرفنه وعلمن به - فنظرن فألزم ما في الرحم الظهر، فقلن: ما نرى في بطنها شيئا. قال: وكان مما أوتي من العلم أن المولود سيحرق بالنار، ولم يؤت علما أن الله سينجيه منها. أقول: ورويت هذا الحديث عن إبراهيم الخزاز عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) من أصل قرئ على هارون بن موسى التلعكبري وقد روى هذا الحديث علي بن إبراهيم في كتاب تفسير القرآن بأبسط من هذه الرواية ورواه أيضا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في الجزء الأول من تاريخه، ورواه أيضا سعيد بن هبة الله الراوندي في كتاب قصص الأنبياء ورواه الثعلبي في تفسيره وغيره من العلماء. وممن أخبر المنجمون عن نبوته ورسالته موسى بن عمران (عليه السلام) وقد تضمنت كتب التواريخ وغيرها من المصنفات ما يغني عن ذكر جميع الروايات فمن ذلك ما رواه الثعلبي في كتاب العرائس في المجالس فقال: إن فرعون رأى في منامه أن ناراً قد أقبلت من بيت المقدس حتى اشتملت على بيوت مصر فأحرقتها وأحرقت القبط وتركت بني إسرائيل، فدعا فرعون السحرة والكهنة والمعبرين والمنجمين وسألهم عن رؤياه، فقالوا له: إنه يولد في بني إسرائيل غلام يسلبك ملكك، ويغلبك على سلطانك، ويخرجك وقومك من أرضك، ويذل دينك، وقد أظلك زمانه الذي يولد فيه. ثم ذكروا ولادة موسى (عليه السلام) وما صنع فرعون في قتل ذكور الأولاد، وليس في ذكر ذلك ههنا ما يليق بالمراد. وذكر حكم المنجمين بولادة موسى (عليه السلام) ونبوته الزمخشري في كتاب (الكشاف) وروى حديث دلالة النجوم على ولادة موسى (عليه السلام) وهب بن منبه في الجزء الأول من كتاب (المبتدء) بأبسط من رواية الثعلبي، وذكر أبو جعفر بن بابويه في كتاب النبوة في باب سياقه حديث عيسى بن مريم (عليه السلام) فقال ما لفظه: «وقدم عليها وفد من [عظماء] علماء المجوس زائرين معظمين لأمر ابنها، وقالوا: إنا قوم ننظر في النجوم، فلما ولد ابنك طلع بمولده نجم من نجوم الملك، فنظرنا فيه فإذا ملكه ملك نبوة لا يزول عنه ولا يفارقه حتى يرفعه إلى السماء فيجاور ربه عز وجل ما كانت الدنيا مكانها ثم يصير إلى ملك هو أطول وأبقى مما كان فيه، فخرجنا من قبل المشرق حتى رفعنا إلى هذا المكان فوجدنا النجم متطلعا عليه من فوقه، فبذلك عرفنا موضعه وقد أهدينا له هدية جعلناها له قربانا لم يقرب مثله لأحد قط، وذلك أنا وجدنا هذا القربان يشبه أمره، وهو الذهب والمر واللبان، لأن الذهب سيد المتاع كله وكذلك ابنك هو سيد الناس ما كان حيا، ولأن المر جبار الجراحات والجنون والعاهات كلها، ولأن اللبان يبلغ دخانه السماء ولن يبلغها دخان شئ غيره، وكذلك ابنك يرفعه الله عز وجل إلى السماء وليس يرفع من أهل زمانه غيره». ووجدت في كتاب دلائل النبوة جمع أبي القاسم الحسين بن محمد السكوني روى عن محمد بن علي بن الحسين، عن الحسن بن عبد الله بن غانم، عن هناد، عن يونس، عن أبي إسحاق، عن صالح بن إبراهيم عن عبد الرحمن بن أسعد، عن ابن مسيب عن حسان بن ثابت، قال: إني والله لغلام يفعاء ابن سبع أو ثمان سنين أعقل كل ما سمعت إذا سمعت يهوديا وهو على أكمة يثرب يصرخ: يا معشر اليهود، فلما اجتمعوا قالوا: ويلك مالك؟ قال: طلع نجم أحمد الذي يبعث به الليلة». ووجدت كتابا عندنا الآن اسمه كتاب (اليد الصيني) عمله (كشينا) ملك الهند يذكر فيه تفصيل دلالة النجوم على نبوة نبينا محمد (صلى الله عليه وآله). أقول: قد أوردنا ما ذكره السيد من أمر هرقل وكسرى، واطلاعهما من جهة النجوم على نبوة نبينا (صلى الله عليه وآله) في باب البشائر به وباب مولده».
وأيضاً نجد في الكتاب المقدس أن قصة المجوس الثلاثة ومولد عيسى (عليه السلام) تؤكد هذه الحقيقة في إنجيل متى، الإصحاح الثاني:
«وَلَمَّا وُلِدَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ، فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ الْمَلِكِ، إِذَا مَجُوسٌ مِنَ الْمَشْرِقِ قَدْ جَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ قَائِلِينَ: «أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَإِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ». فَلَمَّا سَمِعَ هِيرُودُسُ الْمَلِكُ اضْطَرَبَ وَجَمِيعُ أُورُشَلِيمَ مَعَهُ. فَجَمَعَ كُلَّ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَكَتَبَةِ الشَّعْب، وَسَأَلَهُمْ: «أَيْنَ يُولَدُ الْمَسِيحُ؟». فَقَالُوا لَهُ: «فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ. لأَنَّهُ هكَذَا مَكْتُوبٌ بِالنَّبِيِّ: وَأَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمٍ، أَرْضَ يَهُوذَا لَسْتِ الصُّغْرَى بَيْنَ رُؤَسَاءِ يَهُوذَا، لأَنْ مِنْكِ يَخْرُجُ مُدَبِّرٌ يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ». حِينَئِذٍ دَعَا هِيرُودُسُ الْمَجُوسَ سِرًّا، وَتَحَقَّقَ مِنْهُمْ زَمَانَ النَّجْمِ الَّذِي ظَهَرَ. ثُمَّ أَرْسَلَهُمْ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ، وَقَالَ: «اذْهَبُوا وَافْحَصُوا بِالتَّدْقِيقِ عَنِ الصَّبِيِّ. وَمَتَى وَجَدْتُمُوهُ فَأَخْبِرُونِي، لِكَيْ آتِيَ أَنَا أَيْضًا وَأَسْجُدَ لَهُ». فَلَمَّا سَمِعُوا مِنَ الْمَلِكِ ذَهَبُوا. وَإِذَا النَّجْمُ الَّذِي رَأَوْهُ فِي الْمَشْرِقِ يَتَقَدَّمُهُمْ حَتَّى جَاءَ وَوَقَفَ فَوْقُ، حَيْثُ كَانَ الصَّبِيُّ. فَلَمَّا رَأَوْا النَّجْمَ فَرِحُوا فَرَحًا عَظِيمًا جِدًّا.
وَأَتَوْا إِلَى الْبَيْتِ، وَرَأَوْا الصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ. فَخَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ. ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا: ذَهَبًا وَلُبَانًا وَمُرًّا. ثُمَّ إِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِمْ فِي حُلْمٍ أَنْ لاَ يَرْجِعُوا إِلَى هِيرُودُسَ، انْصَرَفُوا فِي طَرِيق أُخْرَى إِلَى كُورَتِهِمْ».
وهناك كم هائل من الروايات التي تتحدث عن وجود علاقة بين الكواكب وغيرها من الأجرام السماوية وبين البشر على الأرض. يقول ابن كثير في تفسيره للآية رقم ١٠٢ من سورة البقرة:
«قال الله تعالى للملائكة هلموا ملكين من الملائكة حتى نهبطهما إلى الأرض فننظر كيف يعملان قالوا ربنا هاروت وماروت فأهبطا إلى الأرض ومثلت لهما الزهرة امرأة من أحسن البشر فجاءتهما فسألاها نفسها فقالت: لا والله حتى تتكلما بهذه الكلمة من الإشراك، فقالا: والله لا نشرك بالله شيئا أبدا، فذهبت عنهما ثم رجعت بصبي تحمله فسألاها نفسها فقالت: لا والله حتى تقتلا هذا الصبي، فقالا: لا والله لا نقتله أبدا، فذهبت ثم رجعت بقدح خمر تحمله فسألاها نفسها فقالت: لا والله حتى تشربا هذا الخمر، فشربا فسكرا فوقعا عليها وقتلا الصبي فلما أفاقا قالت المرأة: والله ما تركتما شيئا أبيتماه علي إلا قد فعلتماه حين سكرتما، فخُيّرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنيا». «وهكذا رواه أبو حاتم بن حبان في صحيحه».
ويروي ابن كثير نفس القصة عن أمير المؤمنين علي بن طالب (منه السلام). وفي رواية أخرى وردت في الكافي:
«سُئل أبا عبد الله (عليه السلام) عن النجوم أحقّ هي؟ فقال: «نعم، إنّ اللّه بعث المشتري إلى الأرض في صورة رجل، فأخذ رجلا من العجم فعلّمه النجوم حتى ظنّ أنّه قد بلغ، ثم قال له: انظر أين المشتري؟ فقال: ما أراه في الفلك، وما أدري أين هو؟ قال: فنحّاه و أخذ بيد رجل من الهند، فعلّمه حتى ظنّ أنّه قد بلغ، وقال: انظر إلى المشتري أين هو؟ فقال: إنّ حسابي ليدلّ على أنك أنت المشتري، قال: وشهق شهقة فمات، وورث علمه أهله، فالعلم هناك».
وهناك كم كبير أيضاً من الروايات التي تتحدث عن أثر الكواكب على حياة الكائنات الحية على كوكب الأرض:
«فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): «صدقت، فما اسم النجم الذي إذا طلع هاجت الإبل؟». فقال اليماني: «لا أدري»، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): «صدقت، فما اسم النجم الذي إذا طلع هاجت البقر؟». فقال اليماني: «لا أدري»، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): «صدقت، فما اسم النجم الذي إذا طلع هاجت الكلاب؟». فقال اليماني: «لا أدري». فقال له أبو عبد الله (عليه السلام)، فما زحل عندكم في النجم؟». فقال اليماني: «نجم نحس»، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «لا تقل هذا فإنه نجم أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) فهو نجم الأوصياء (عليهم السلام) وهو النجم الثاقب الذي قال الله في كتابه». فقال اليماني: «فما معنى الثاقب؟». فقال: «إن مطلعه في السماء السابعة فإنه ثقب بضوئه حتى أضاء في السماء الدنيا فمن ثم سماه الله النجم الثاقب»، ثم قال: «يا أخا العرب عندكم عالم؟». قال اليماني: «نعم جعلت فداك إن باليمن قوما ليسوا كأحد من الناس في علمهم».
كان الناس قديماً يعبدون الكواكب، فكان المصريون القدماء يعبدون نجم الشعرى اليمانية، وحتى القرآن الكريم يقول:
﴿وَأَنَّهُۥ هُوَ رَبُّ ٱلشِّعْرَىٰ﴾.
وكذلك يذكر القرآن قصة إبراهيم (عليه السلام) وهو ينظر في النجوم:
﴿فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ﴾.
ويذكر القرآن كذلك أن إبراهيم (عليه السلام) نظر في ملكوت السماوات متدبراً ما إذا كان ربه الشمس أو القمر أو أحد الكواكب.
قال تعالى:
﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ۞ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ ۞ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ ۞ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ ۞ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾.
إن كون الكواكب أو النجوم أشخاص هي حقيقة تؤكدها سورة يوسف حيث تُفسَّر الشمس على أنها يعقوب والقمر على أنه راحيل والكواكب أخوة يوسف (ع). وقد أعطى الإمام أحمد الحسن (منه السلام) تفسيراً آخر في كتاب التوحيد حيث قال أن محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) هو الشمس، وعلي (منه السلام) هو القمر، والأئمة (منهم السلام) هم الكواكب، في كل الأحوال تعني الكواكب في الرؤى أشخاص، كأنك ترى أرواحهم في عالم الأحلام.
وفي كتاب الغيبة ورد عن أبي جعفر (منه السلام) أنه قال:
«إنما نحن كنجوم السماء كلما غاب نجم طلع نجم، حتى إذا أشرتم بأصابعكم، وملتم بحواجبكم، غيب الله عنكم نجمكم، فاستوت بنو عبد المطلب فلم يعرف أيا من أي، فإذا طلع نجمكم فاحمدوا ربكم».
بل توجد في الروايات الخاصة بعلامات ظهور الإمام المهدي (صلى الله عليه وآله وسلم) روايات عن ظهور الكوكب الأحمر. ورد في كتاب ٢٥٠ علامة حتى ظهور الإمام المهدي (ع) لمحمد علي الطباطبائي في العلامة رقم ١٩٠ بعنوان «نجم أحمر مذنب بذنبين يكادان أن يلتقيا» ما يلي:
عن الإمام الصادق (عليه السلام):
«طلوع الكوكب المذنب يفزع العرب وهو نجم بالمشرق يضيء كما يضيء القمر». وعن مشارق أنوار اليقين مثله «وذلك عند طلوع الكوكب الذي يفزع له العرب وهو شبيه الذنب فهناك تنقطع الأمطار وتجف الأنهار وتختلف الأعصار وتغلو الأسعار في جميع الأقطار».
سئُل الامام أحمد الحسن (منه السلام) ذات يوم:
«هل الكوكب الأحمر هو النبي عيسى (عليه السلام)؟ وإذا لم يكن هو الكوكب الأحمر فهل هو موجود بالفعل بيننا؟ ومتى سيخرج؟».
أجاب الإمام أحمد الحسن (منه السلام): «هو بينكم وهو ظاهر بإذن الله وهو ليس النبي عيسى (عليه السلام)».
إذن هنا أكد الإمام (منه السلام) أن الكوكب الأحمر هو في الحقيقة شخص يظهر، وفي تاريخ لاحق كشف الإمام أحمد الحسن (منه السلام) أن الكوكب الأحمر هو قائم آل محمد.
إن الكوكب الوحيد المعروف بإسم الكوكب الأحمر هو المريخ، وللمريخ قمران يشبهان الذنبين أحدهما بإسم فوبوس (الخوف) والآخر بإسم ديموس (الرعب).
ذات يوم كنت أتحدث مع الإمام أحمد الحسن (منه السلام) وقلت له: «أبي، المندائيون أتباع يحيى بن زكريا الموجودون في العراق ذكروا شيئاً في كتاباتهم لفت انتباهي، حيث قالوا أن عبد الله بن عبد المطلب والد النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) هو ظهور كوكب المريخ وقالوا كذلك أنه كوكب حرب، أنت قلت لي سابقاً أني أنا الكوكب الأحمر المذكور في الروايات والذي له ذنبين، كوكب المريخ معروف بكونه الكوكب الأحمر وله ذنبين مثل القمرين بإسم فوبوس وديموس. وفقاً لحساباتي أردت أن أسألك، هل أنا المريخ؟».
قال (منه السلام): «نعم بني، أنت هو».
سألته: «إذن أفعالي هنا على كوكب الأرض تتحكم فيها وتؤثر فيها حركته؟».
قال (منه السلام): «نعم تؤثر فيها بنسبة ٨٩ بالمائة».
وبالتالي، يمكننا أن نرى أن جزء كبير من الظروف والعوامل التي تحدد مسارات حياتنا يُقدِّرها الكون فعلياً بنسبة ٨٩٪، على سبيل المثال، أين ومتى وُلِدت ومن هما والداك ومتوسط عمرك المتوقع، كل ذلك يمكن قراءته في النجوم.
تابعت حديثي مع الإمام (منه السلام) قائلاً: «كنت أتحدث مع الدكتور صلاح الخولي اليوم ودار بيننا نقاش حول المصريين القدماء وكيف أنهم كانوا يؤمنون بأن أرواح الصالحين تصبح نجوماً في السماء، وكنت قلت لي كذلك أن نجم الشعرى كان خالق الكون، فهل النجوم والكواكب هي أرواح؟ هل نجم الشعرى هو إبليس؟».
أجاب الإمام (منه السلام): «سأخبرك، نعم هذا صحيح».
قلت: «وهل آدم هو الأرض؟ هل نعيش عليه؟».
قال الإمام (منه السلام): «نعم، هذا صحيح».
قلت في نفسي: «سبحان الله، فعلا الأرض خُلقت من طين ونجم الشعرى من نار، وتلوت هذه الآية: ﴿قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا۠ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِى مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُۥ مِن طِينٍ﴾.
وفيما يخص ارتباط قائم آل محمد بمصر وكونه صاحب مصر، ورد أن مدينة القاهرة يرجع اسمها إلى «النجم القاهر» وهو الإسم الذي يُعرف به كوكب المريخ عند العرب.
والآن اتضح لكم لماذا وكيف تأتت عبادة الشعوب القديمة للنجوم والكواكب، حيث عرفت الشعوب القديمة أن النجوم والكواكب هي أرواح وكانوا يتضرعون لتلك الأرواح التي في السماء لقضاء حوائجهم مثلما يلجأ المرء لأحد الأئمة (عليهم السلام) لقضاء حوائجه فيتوجه إلى مقامه للزيارة والدعاء. هكذا أيضاً نشأت عبادة هذه الأبدان السماوية في مصر القديمة وروما واليونان والهند وتقريباً في كل بقعة في العالم، ولا يزال أصحاب المعارف والنخبة في العالم اليوم على علم بهذه الأشياء وقد أخفوها على مرأى من الجميع، على سبيل المثال تتحدث أغنية فيلم «بينوكيو» الشهير من إنتاج والت ديزني عن هذا الأمر بشكل صريح:
«عندما تنظر للنجوم وتتمنى أمنية
لا فرق من تكون
أي شيء يتمناه قلبك
سوف يأتي إليك
إذا حلمت بشيء وتمنيته بكل ما في قلبك
لا يوجد طلب صعب المنال
عندما تنظر للنجوم وتتمنى أمنية
كما يفعل الحالمون
القدر حنون
يجلب لمن يحبون
تحقيقكل ما يتوقون إليه
مثل الصاعقة
التي تظهر فجأة
عندما تنظر للنجوم وتتمنى أمنية
تتحقق أحلامك
عندما يولد نجم
تكون له هبة أو هبتينإحداهما
أنه لديه القدرة
على تحقيق الأمنيات
عندما تنظر للنجوم وتتمنى أمنيةلا فرق من تكون
أي شيء يتمناه قلبك
سوف يأتي إليك
إذا حلمت بشيء وتمنيته بكل ما في قلبكلا يوجد طلب صعب المنال
عندما تنظر للنجوم وتتمنى أمنية
كما يفعل الحالمون
القدر حنون
يجلب لمن يحبون
تحقيق
كل ما يتوقون إليه
مثل الصاعقة
التي تظهر فجأة
عندما تنظر للنجوم وتتمنى أمنية
تتحقق أحلامك»
ولدينا في الثقافة الحديثة ألعاب مثل «سوبر ماريو برازرز» والتي تحتوي على عناصر مثل لمس النجوم أو جمع النجوم، ولديكم كذلك المشاهير الذين يُطلق عليهم «نجوم» لأنهم ارتقوا عن الآخرين وتحققت أحلامهم، لديكم أيضاً أشخاص مثل مارك توين والذي كانت لديه القدرة على حساب تاريخ ولادته ووفاته من خلال التعرف على نظيره من النجوم. في عام ١٩٠٩ قال مارك توين:
«جئت مع مذنب هالي في عام ١٨٣٥، سيعود مرة أخرى العام المقبل، وأتوقع الخروج معه، ستكون أكبر خيبة أمل في حياتي إذا لم أخرج مع مذنب هالي، فقد قال الرب بلا شك: ها هما الآن غريبا الأطوار هذان، لقد جاءا معاً ولابد أن يخرجا معاً».
وُلد توين بعد ظهور مذنب هالي مباشرة في عام ١٨٣٥، وتوفي بنوبة قلبية بعد يوم واحد من ظهوره في أبهى صوره في عام ١٩١٠.
إن واحدة من أعظم الحقائق عن الماسونية هي عبادتهم لنجم الشعرى، حيث يمثل نجم الشعرى بالنسبة لهم حرف الـ «G» أو «God» (الله) وهو الشمس التي وراء الشمس، يعتبرون أن نجم الشعرى هو مصدر قوة الشمس والنور الإلهي وراء كل الخليقة، يُعرف نجم الشعرى الذي يقع في كوكبة الكلب الأكبر باسم «Dog Star» أو نجم الكلب، وكلمة «Dog» هي تهجئة لكلمة «God» بالخلف. يعبد الماسونيون روح إبليس أو الشيطان، نجم الشعرى الساطع، وهكذا يستمدون قوتهم وتأثيرهم. وقد بيّنا في الماضي في أعمالنا السابقة أن الماسونيين يعبدون عين الشيطان الواحدة. نحن نعيش في كون خلقه نجم الشعرى، روح إبليس، ونعيش على روح آدم، الأرض، التي يحكمها حالياً عبدة وأبناء نجم الشعرى. إن نجم الشعرى اليمانية هو أكثر النجوم هيمنة وظهوراً في مجرتنا.
نقدم هنا صورة لكوكبة الكلب الأكبر (الشكل ١) ونجم الشعرى المعروف أيضاً بإسم نجم الكلب والذي يعبده الماسونيون (الشكل ٢):