لعبت الكتب المقدسة لآلاف السنين دوراً محورياً في تشكيل المجتمعات والاقتصادات والثقافات واللغات والأديان والسياسات والحضارات والإمبراطوريات، حيث قدمت قصصاً وروايات ملحمية لعبت دوراً في رحلتنا للتعرف على هوياتنا وأفكارنا وتعزيز علاقاتنا بمن حولنا. فمن الباجافاد جيتا إلى الكتب السامية المقدسة مثل الإنجيل والقرآن الكريم، وصولاً إلى الكتب المقدسة والمخطوطات الغنوصية الأقل شهرة والتي غالباً ما تعتبرها السلطات الدينية الأرثوذكسية ملفقة أو منحولة، تناول البشر علاقتهم مع الله ومع بعضهم البعض ووجهوها وحتى عارضوها من خلال هذه النصوص المقدسة.
كل من هذه الكتب، بلا استثناء، تم تجميعها بعد أن رحل مؤلفوها الأساسيون عن الدنيا بفترة طويلة. وما كان في البداية عبارة عن محادثات شفوية مرتبطة بسياق الأحداث التي وقعت فيها ومتأثرة بثقافة وطبيعة قائليها، محادثات أجريت وجهاً لوجه وبشكل مباشر، أصبح بعد ذلك كلمات جامدة وثابتة ومنفصلة عن سياقها الأصلي. ونتيجة لذلك، أصبحت هذه الكلمات فارغة وناقصة ومنفصلة عن سياقها. ورغم أنه قد تم تدوين كلام حجج الله المصطفين بالحرف، إلا أنه كان ولا يزال هناك شيئاً مفقوداً. فعندما نتحدث عن نقل المعنى الكامل بحذافيره، تكون الكلمة المكتوبة غير مكتملة بطبيعتها، فنجد أنفسنا أمام بعض الأسئلة المُلِّحة: كيف نُطقت هذه الكلمات؟ ماذا كان سياقها؟ ما هو شكل العلاقة التي كانت بين المتحاورين؟ ما هي موازين القوة التي كانت قائمة حينها؟ ماذا كان المقصود من المعنى المراد نقله؟
أبرز خبراء اللغة والخطابة والتواصل على مدار قرون أهمية الأفعال والإيماءات غير اللفظية في كونها أبعاداً أساسية للتواصل والفكر، ولكن فيما يخص الكتب المقدسة الموجودة، لا تتوفر أي من هذه المعلومات للأجيال اللاحقة، فحتى لو تمكنا من الحصول على تسجيلات رقمية (وهو ما لم نتمكن من الحصول عليه)، فإننا سنظل مقيدين في فهمنا لهذه الكلمات، فقد كشفت لنا ثلاث سنوات من الحياة في وسط وباء عن الفجوات الموجودة في التفاعلات الرقمية وجعلتنا ندرك ونُقدّر أهمية التفاعل الاجتماعي والتواصل
الحسي. هذه الفجوة في التواصل الواقع بين حجج الله وأتباعهم اليوم أدت بلا شك إلى الالتباس والارتياب بين الناس، فجوة اتسعت وزادت مع مرور الوقت إلى الحد الذي فُقدت فيه فعلياً الاتصالات والنوايا والمعاني الأصلية في أحسن الأحوال، وتم التلاعب بها وتحريفها عن قصد لتحقيق مكاسب دنيوية في أسوأ الأحوال.
نشبت العديد من النزاعات الدينية والحروب الأهلية الكبرى بين أتباع نفس النص (النصوص) الحرفي، فمن الحروب الأهلية اليهودية التي وقعت بين الفريسيين والصدوقيين (٩٣ قبل الميلاد إلى ٨٧ قبل الميلاد) إلى معركة كربلاء بين بني أمية وآل الإمام الحسين (منه السلام) وأصحابه (٦٨٠ م) إلى الحروب الدينية الأوروبية الأخيرة أو حروب الإصلاح التي بدأت بعد الإصلاح البروتستانتي في عام ١٥١٧ م، كانت كل من هذه الصراعات معارك على التفسير الصحيح وكلمة الله المؤكدة. وبشكل عام كانت هذه المعارك بين من ادعى امتلاكه للسلطة الإلهية من خلال انتخاب شخصيات دينية معينة ذاتياً، وبين الأقليات التي استدلت على سلطتها بوصية مكتوبة أو تأكيد علني من قبل النبي السابق والمعروف في ذلك الوقت. نتيجة لذلك، حلت الدوغماتية، والجمود النصي، والتهميش، والاستبداد محل العلاقة الصادقة والرحيمة والحميمة مع الله. وهكذا، لم يتبقى للإنسانية سوى «كلمات غير تامات».
حاولت السلطات الدينية الأرثوذكسية، التي عادة ما تكون معينة ذاتياً ومدعومة من قبل سلطة الدولة، حل هذه المشكلة على مدار التاريخ من خلال توحيد الكتب المقدسة، سواء من خلال الماسورتيين - وهم الكتبة اليهود - الذين أخذوا على عاتقهم تحديد قراءة موحدة للتوراة بداية من القرن الخامس بعد الميلاد، أو قسطنطين الذي عقد مجمع نيقية عام ٣٢٥ م لتوحيد الكتاب المقدس وتدمير جميع المخطوطات التي اعتبرت «محرفة»، أو الخليفة عثمان الذي أحرق جميع مخطوطات القرآن «المحرفة» بعد أقل من عشرين عاماً على وفاة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم). جاء توحيد كلام الله بالحبر الأسود على الورق الأبيض ببعض المنافع ولكنه كان له أيضاً ثمناً باهظاً، ورد في القرآن الكريم:
﴿وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ﴾.
يأتي إلى هذا النقاش الجدلي كتاب «غاية الحكيم: إنجيل قائم آل محمد (منهم السلام)». تشير كلمة «غاية» إلى المقصد والهدف النهائي، وهو سؤال حاولت كل الأديان والفلسفات الإجابة عليه. إن هذا الكتاب بمثابة استكمال وتوضيح للاتصالات السابقة بين الله وخلقه، ويكمن العنصر المميز لهذا الكتاب في حجة أساسية مشتركة قدمها جميع أنبياء الله ورسله السابقون، من آدم إلى نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد (عليهم السلام)، فقد إحتجوا جميعاً بكونهم معينون من الله بموجب الوصية المسجلة للنبي الذي سبقهم. وجاء كل منهم بالعلم وبعلامات لإثبات ذلك، وهي الوصية (ممن سبقه)، والعلم الإلهي، والدعوة إلى حاكمية الله. كان العلم الذي جاء به الأنبياء والرسل - والذي أدى إلى تحولات واصلاحات روحية ومادية - مصدر إلهام للمعاصرين لهم، إلا أن هذا التأثير قد تلاشى وتضاءل لعدم إقرار الناس بالنبي أو الرسول المعين إلهياً في زمانهم. إن الأمر أشبه بامتلاك صيدلية مليئة بالأدوية والعقاقير، لكنها بلا صيدلي أو مدرسة مليئة بالكتب، ولكنها بلا معلمين. وعلى أي شخص يقرأ «غاية الحكيم» أن ينظر في هذا الأمر ويدقق فيه، ويسأل نفسه، هل هذا العلم من عند الله؟ هذا هو الأساس الذي يقوم عليه هذا الكتاب.
«غاية الحكيم» هو كتاب يستند إلى ولاية الإمام المهدي ووصيه اليماني أحمد الحسن، ويصيغه صاحب مصر عبد الله هاشم أبا الصادق (منهم السلام)، وهم أحياء ومتواجدون بيننا بشحمهم ولحمهم في هذا الزمان. احتج مؤلف/مؤلفو الكتاب في إثبات ولايتهم الإلهية بالوصية المكتوبة التي أملاها آخر خلفاء الله المعروفين، النبي محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المولود في عام ٥٧٠ م والذي توفي عام ٦٣٢ م، وقد ورد نصها في ما لا يقل عن أحد عشر مصدراً موثوقاً ومعتداً به عند الشيعة الإثني عشرية، ومنذ أن بدأت غيبة الإمام الثاني عشر منذ أكثر من ألف ومائة عام، لم يسجل التاريخ أي شخص يحتج بوصية النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) المكتوبة لإثبات تنصيبه الإلهي. كان هناك عدد من المدعين الكذبة؛ ولكن لم يدع أحد منهم أنه من الخلفاء المذكورين في تلك الوصية أو أي وصية في هذا الشأن. الوصية هي وثيقة وعد النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أنها عاصمة من الضلال. وبالتالي فإن هذه السلطة الإلهية الحية هي العنصر الأول الذي يميز هذا الكتاب عن أي كتاب مقدس آخر مكتوب ومتاح حالياً للبشرية، حيث يمكننا الوصول مباشرةً إلى مؤلفه دون أي وسيط. ويمكننا أن نطرح عليه الأسئلة بهدف التوضيح والتوسع والتبيان، بل ويمكننا حتى أن نستفهم منه، من أجل أن يظهر المنبع الإلهي لعلمه بشكل علمي.
«غاية الحكيم» هو مجموعة من المحادثات المجمعة التي دارت بين الإمام المهدي واليماني وصاحب مصر وأصحابهم على مدار العقدين الماضيين، وتشمل حوارات مع أصحاب ثبتوا على هذا الطريق، وأصحاب وَلّوا ورجعوا، وآخرون وَلّوا ولم يرجعوا بعد. هذا الكتاب هو تذكير حي بأن أبواب رحمة الله مفتوحة دائماً لمن يطلب الله ورسوله.
العنصر المميز الثاني لـ «غاية الحكيم» هو أنه يوفر إطاراً ولغة وخطاباً لإحياء محادثة قد فُقدت في هذا العصر والزمان، جاء في القرآن الكريم:
﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ۖ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم﴾.
«غاية الحكيم» هو استكمال لتواصلات الله السابقة مع الخلق وكذلك تصحيح للتحريفات السابقة المتتابعة التي وقعت باسم الله ورسله (عليهم السلام)، غير أنه مكتوب بلغة هذا العصر ومؤلفه الرئيسي عبد الله هاشم، أبا الصادق، صاحب مصر الذي أخبر به آل البيت (منهم السلام)، هو مصري-أمريكي، شخصية بلا حدود، رسول مختلط لزمان مختلط.
يتألف «غاية الحكيم» من اثنين وأربعين فصلاً أو باباً ويبدأ بالفكرة الرئيسية التي يتأسس عليها الكتاب، بالأخص في الأبواب السبعة الأولى وهي: العهود التي أقيمت بين الله والبشر. إن التركيز على مفهوم العهد هو أمر يخاطب طبيعة خلقنا والغرض والغاية منه، إنها الصخرة التي تقوم عليها علاقتنا بالله. كما صرح موسى (عليه السلام) في دعائه الأخير ووصيته الأخيرة،
«اِنْصِتِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ فَأَتَكَلَّمَ، وَلْتَسْمَعِ الأَرْضُ أَقْوَالَ فَمِي. يَهْطِلُ كَالْمَطَرِ تَعْلِيمِي، وَيَقْطُرُ كَالنَّدَى كَلاَمِي. كَالطَّلِّ عَلَى الْكَلاءِ، وَكَالْوَابِلِ عَلَى الْعُشْبِ. إِنِّي بِاسْمِ الرَّبِّ أُنَادِي. أَعْطُوا عَظَمَةً لإِلهِنَا. هُوَ الصَّخْرُ الْكَامِلُ صَنِيعُهُ. إِنَّ جَمِيعَ سُبُلِهِ عَدْلٌ. إِلهُ أَمَانَةٍ لاَ جَوْرَ فِيهِ. صِدِّيقٌ وَعَادِلٌ هُوَ».
نكتشف مع كل باب من الأبواب السبعة الأولى أنه مع كل عهد رئيسي كان يقيمه الله مع البشرية، كان هناك نقض للعهد يتبعه عقاب أو انسحاب إلهي، بعبارة أخرى كانت عدالة الله الإصلاحية تقوم بإعادة ضبط البشرية، وهذا من شأنه أن يضع البشرية في حالة تيه مقصودة لمساعدتنا على تنمية عقولنا وأرواحنا، وإيجاد الكلمات الأكثر صحة، والوصول إلى غايتنا: معرفة الله من خلال معرفتنا ببعضنا البعض وخدمة بعضنا البعض، بمعنى آخر علينا أن نصبح أكثر من مجرد مؤمنين، أكثر من مجرد أنبياء، أكثر من مجرد رسل، بل وحتى أكثر من أئمة، علينا أن نصبح الله في الخلق. وبالنهاية تتلخص هذه العملية في الكلمات، ليس فقط بالمعنى الحرفي، بل أيضاً في المشاركة في خلق قصص من التعاطف، وفي السعي نحو أعلى مسارات المحبة المشتركة والكرم وصنع المعاني. وبالتالي، فإن حياتنا هي عملية انتقال من الكلمات الغير تامات إلى الكلمات الاكثر كمالاً، والله هو كاتب قصة الخلق كله، وهو يدعو البشرية إلى أن يشاركوا في الكتابة وأن يساهموا ويشاركوا في تصميم خطته الكبرى. ويلي ذلك موضوعات حول معرفة الأجرام السماوية، وتناسخ الأرواح وانتقال الروح، والعائلة في عالم الأرواح. تعكس هذه الموضوعات نظرة كل شخص نحو الأجرام السماوية ونظرته الداخلية عندما يتساءل من هو، ومن أين أتى حقاً، وما هو مكانه وهدفه في هذا الكون الواسع؟ فكما يبين لنا «غاية الحكيم»، يتجلى هذا النمط الكوني بعد كل مرة يتم فيها نقض العهد والذي يكون متبوعاً بعملية إصلاح تصحيحية، فلم يُعلَّم آدم (عليه السلام) «الأسماء كلها» بالمعنى السطحي، بل أخبره الله بأرواحنا الحقيقية وكراتنا ورجعتنا. إن توضيح مفهوم الرجعة هو من أهم علامات معرفة صاحب السلطة الإلهية.
وبالإضافة إلى ذلك، نتعرف على المعنى الحقيقي لشجرة العلم، وعاقبة الأكل من الفاكهة المحرمة، والسبب الأصلي وراء طرد آدم وحواء من جنة عدن، وطريق العودة، والموقع الحقيقي لجنة عدن، وهو مكان موجود هنا على الأرض. يوضح الكتاب العديد من الكنايات والرموز الغامضة الموجودة في الكتب المقدسة السابقة ليخرج من ذلك سرد أكثر تناسقاً يوصل النقاط ويربط بين الكتب المقدسة المختلفة والمتباينة سابقاً، إنه تحقق للآية التي جاء فيها،
«قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا بِأَمْثَال، وَلكِنْ تَأْتِي سَاعَةٌ حِينَ لاَ أُكَلِّمُكُمْ أَيْضًا بِأَمْثَال، بَلْ أُخْبِرُكُمْ عَنِ الآبِ عَلاَنِيَةً».
هذه الرمزية أو ما يمكن أن نطلق عليه علم تفسير العلامات هو سمة مميزة أخرى لهذا الكتاب.
كما نفهم أيضاً كيف ارتكب كل من أنبياء العهود أخطاءاً في مسيراتهم، وقد أظهرها الله لتكون عبرة لنا في تطورنا الروحي وطريقنا نحو تقوية علاقتنا مع الله. على سبيل المثال، في عهد نوح (عليه السلام)، نتعرف على المعنى الحقيقي للـ «جبل» الذي لجأ إليه ابن نوح: مدعي كاذب للعلم الإلهي، وعالم غير عامل. نتعلم أن نوح (عليه السلام) على الرغم من صبره لمدة ألف عام وتأخير الطوفان الموعود، إلا أنه ما كان ينبغي أبداً أن يدعو بنزول العذاب على قومه:
«لاَ أَعُودُ أَلْعَنُ الأَرْضَ أَيْضًا مِنْ أَجْلِ الإِنْسَانِ، لأَنَّ تَصَوُّرَ قَلْبِ الإِنْسَانِ شِرِّيرٌ مُنْذُ حَدَاثَتِهِ».
يبرز الانتقال من عهد إلى عهد أيضاً عملية التطور التي مرت بها البشرية خلال مراحل النمو المختلفة: ١) المؤمن؛ ٢) النبي؛ ٣) الرسول؛ ٤) الإمام؛ وأخيراً ٥) الله في الخلق. نتعلم أيضاً من خلال الكتاب أن مقام الله في الخلق يعني التحلي بالصفات الإلهية وأن يكون المرء انعكاساً لنور الله اللامتناهي حتى تقل وتتضاءل المعوقات (النفس). وهذا مشروح في الأبواب المتعلقة بطبيعة الواقع والنور والظلام والأنا أو النفس البشرية.
كما نتعرف أيضاً على القوى الكونية غير المرئية التي تؤثر على حياتنا مثل رؤساء الملائكة والجن والموت وحقيقة الجنة والنار ومصدر الشر والحياة خارج كوكب الأرض والكائنات الفضائية ودور كل من هذه القوى والغرض منها. يتعمق الكتاب أيضاً في موضوعات رئيسية تساعدنا على فهم قدراتنا المعرفية والإدراكية العليا مثل حقيقة الأحلام، والأحلام الواعية، والذكريات من الكرات السابقة، وجوانب أخرى من الإدراك والوعي التام وتحقيق الذات. تساعدنا هذه الموضوعات على فهم السياق الكوني المتصل بوجودنا بشكل أفضل. ومثل جميع الأنبياء والرسل السابقين (عليهم السلام) الذين تم تكليفهم بتهذيب الشخصية والأخلاق، يقدم باب الأخلاق إرشادات عملية للبشر للتحلي بمكارم الأخلاق بموجب العهد السابع.
وكلما تعمقت المعرفة والعلاقة الإنسانية من عهد إلى عهد، كلما اقتربت البشرية أكثر فأكثر من هدفها النهائي. «غاية الحكيم» هو بمثابة دعوة إلهية إلى العهد السابع والنهائي والكامل مع الإنسانية. لا يقوم العهد السابع على أساس أرض أو لغة أو أعراف مثلما كان في العهود الستة السابقة، بل إنه عهد عالمي مع الأرواح.
﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾.
إن الإجابة على هذا السؤال الرئيسي الذي لم يجاب عليه قبل ألف وربعمائة عام، قد وصلت لنا الآن في «غاية الحكيم». هل هذا الكتاب هو كلمة الله الكاملة والأخيرة؟ بالتأكيد لا، لأن معرفة الله مستمرة، لانهائية، وتتجاوز الكلمات المحدودة، لا يمكن لأي نص إلهي مكتوب سواء بحبر على ورق أو بالحروف الإلكترونية التي تظهر على الشاشة أن يكون نصاً نهائياً أو أخيراً. «غاية الحكيم» يمثل تجديداً إلهياً أصيلاً، بداية جديدة تكشف عن الخمسة وعشرين حرفاً المتبقين من حروف المعرفة حتى تتمكن البشرية من إكمال معرفتها بالله وبناء علاقة أكثر قرباً مع الله وخلقه.
غاية الحكيم هو إنجيل آخر الزمان وهو يمنحنا فهماً حقيقياً وأصيلاً للكون والسماوات والأرض. رسالة هذا الإنجيل هي رسالة نجاة ورحمة عظيمة، فالبشرية مقدر لها بالفعل أن تحقق غايتها الكبرى: وهي إصلاح العالم من خلال العودة إلى مصدر كل شيء، وذلك من خلال معرفة الملك الفيلسوف في كل زمان وإقامة جمهورية أفلاطون، دولة العدل الإلهي.
أريا رازفر
أستاذ التعليم واللغويات
جامعة إلينوي بشيكاغو